وهكذا ورد فرعون وقومه البحر أيضا، واتبعوا عبيدهم القدماء الذين استرقوهم بطغيانهم، وهم غافلون عن أن لحظات عمرهم تقترب من النهاية، وأن عذاب الله سينزل فيهم!
وتقول الآية التالية: وأنجينا موسى ومن معه أجمعين.
وحين خرج آخر من كان من بني إسرائيل من البحر، ودخل آخر من كان من أتباع فرعون البحر، صدر أمر الله فعادت الأمواج إلى حالتها الأولى فانهالت عليهم فجأة، فهلك فرعون وقومه في البحر، وصار كل منهم كالقشة في وسط الأمواج المتلاطمة.
ويبين القرآن هذه الحالة بعبارة موجزة متينة فيقول: ثم أغرقنا الآخرين...
وهكذا انتهى كل شئ في لحظة واحدة... فالأرقاء أصبحوا أحرارا، وهلك الجبابرة، وانطوت صفحة من صفحات التأريخ، وانتهت تلك الحضارة المشيدة على دماء المستضعفين، وورث الحكومة والملك المستضعفون بعدهم.
أجل إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين فكأن في أعينهم عمى، وفي آذانهم وقرا، وعلى قلوب أقفالا.
فحيث لا يؤمن فرعون وقومه مع ما رأوا من المشاهد العجيبة، فلا تعجب إذا ألا يؤمن بك المشركون - يا محمد - ولا تحزن عليهم لعدم إيمانهم، فالتاريخ - يحمل بين طياته وثناياه كثيرا من هذه المشاهد!
والتعبير ب " أكثرهم " إشارة إلى أن جماعة من قوم فرعون آمنوا بموسى والتحقوا بأصحابه، لا آسية امرأة فرعون فحسب، ولا رفيق موسى المخلص المذكور في القرآن على أنه مؤمن من آل فرعون، بل آخرون أيضا كالسحرة التائبين مثلا.
أما آخر آية من هذه الآيات فتشير في عبارة موجزة وذات معنى غزير إلى