الإيمان في الوقت الذي خلت فيه قلوبهم من نور الله، فتقول الآية عن هذه المجموعة ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين.
ما هذا الإيمان الذي لا يتجاوز حدود ألسنتهم، ولا أثر له في أعمالهم؟
ثم تذكر الآية التي بعدها دليلا واضحا على عدم إيمانهم وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون.
ولتأكيد عبادة هذه المجموعة للدنيا وفضح شركهم، تضيف الآية وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين وبكامل التسليم والخضوع.
والجدير بالذكر أن العبارة الأولى تحدثت عن الدعوة إلى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأما العبارة التالية أي كلمة " ليحكم " فإنها جاءت مفردة، وهي تشير إلى تحكيم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لوحده، وذلك لأن تحكيم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس منفصلا عن تحكيم الله تعالى، حيث أن كلا الحكمين في الحقيقة واحد.
كما يجب الانتباه إلى أن ضمير الهاء المتصلة في " إليه " يعود إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، أو إلى تحكيمه. وكذلك لابد من الالتفات إلى أن الآية نسبت التخلف عن هذا الحكم والإعراض عن تحكيم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مجموعة من المنافقين فقط.
ولعل ذلك لأن الفئات الأخرى لم تكن بهذه الدرجة من الجرأة وعدم الحياء، لأن للنفاق مراتب أيضا كمراتب الأيمان المختلفة.
وبينت الآية الأخيرة في ثلاث جمل، الجذور الأساسية ودوافع عدم التسليم إزاء تحكيم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت أولا أفي قلوبهم مرض.
هذه صفة من صفات المنافقين يتظاهرون بالإيمان، ولكنهم لا يسلمون بحكم الله ورسوله، ولا يستجيبون له، إما بسبب انحرافهم قلبيا عن التوحيد أو الشك والتردد أم ارتابوا وطبيعي أن الذي يتردد في عقيدته، لن يستسلم لها أبدا.
وثالثها فيما لو لم يلحدوا ولم يشكوا، أي كانوا من المؤمنين: أم يخافون