الكلام في الآية الأولى عن الذين يبحثون عن الماء في صحراء جافة حارقة، ولا يجدون غير السراب فيموتون عطشا، في الوقت الذي عثر فيه المؤمنون على نور الإيمان، ومنبع الهداية الرائعة، فاستراحوا بجنبها، فتقول أولا:
والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ولكن يجد الله عند أعماله ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب.
" السراب " مشتق من السرب على وزن " حرب " بمعنى الطريق المنحدر، وتطلق كلمة السراب على لمعان يشاهد في الصحارى والمنحدرات من بعيد وكأنه ماء، وما هو إلا انعكاس لأشعة الشمس (1).
ويرى البعض أن " القيعة " جمع " قاعة "، بمعنى الأرض الواسعة التي لإماء ولا نبات فيها، ويطلق ذلك على الصحاري التي يظهر فيها السراب في معظم الأحيان، إلا أن بعض المفسرين واللغويين يرون أن هذه الكلمة مفردة، وجمعها " قيعان " أو " قيعات " (2).
ورغم عدم وجود الفرق من حيث المعنى، فإن الآية توجب أن تكون هذه الكلمة مفردة، لأنها ذكرت السراب مفردا والسراب الواحد يكون في أرض واحدة طبعا.
ثم تناولت الآية الثانية مثالا آخر لأعمال الكفار وقالت: أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه من فوقه سحاب وبهذا المنوال تكون ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها.
أجل، إن النور الحقيقي في حياة البشر هو نور الإيمان فقط، ومن دونه تسود