من الظلمة وتورط بين ظلمتين: ظلمة كان فيها وظلمة الحيرة وبطلان السبب.
وهذه حال المنافق، يظهر الايمان فيستفيد بعض فوائد الدين باشتراكه مع المؤمنين في مواريثهم ومناكحهم وغيرهما حتى إذا حان حين الموت وهو الحين الذي فيه تمام الاستفادة من الايمان ذهب الله بنوره وأبطل ما عمله وتركه في ظلمة لا يدرك فيها شيئا ويقع بين الظلمة الأصلية وما أوجده من الظلمة بفعاله.
وقوله تعالى: أو كصيب من السماء الخ، الصيب هو المطر الغزير، والبرق معروف، والرعد هو الصوت الحادث من السحاب عند الابراق، والصاعقة هي النازلة من البروق.
وهذا مثل ثان يمثل به حال المنافقين في إظهارهم الايمان، انهم كالذي أخذه صيب السماء ومعه ظلمة تسلب عنه الابصار والتمييز، فالصيب يضطره إلى الفرار والتخلص، والظلمة تمنعه ذلك، والمهولات من الرعد والصاعقة محيطة به فلا يجد مناصا من أن يستفيد بالبرق وضوئه وهو غير دائم ولا باق متصل كلما أضاء له مشى وإذا أظلم عليه قام.
وهذه حال المنافق فهو لا يحب الايمان ولا يجد بدا من اظهاره، ولعدم المواطأة بين قلبه ولسانه لا يستضئ له طريقه تمام الاستضائة، فلا يزال يخبط خبطا بعد خبط ويعثر عثرة بعد عثرة فيمشي قليلا ويقف قليلا ويفضحه الله بذلك ولو شاء الله لذهب بسمعه وبصره فيفتضح من أول يوم.
يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون - 21. الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون - 22. وإن كنتم في ريب مما نزلنا