الحقيقية، فلمعنى الإمامة حقيقة وراء هذه الحقائق.
والذي نجده في كلامه تعالى: إنه كلما تعرض لمعنى الإمامة تعرض معها للهداية تعرض التفسير، قال تعالى في قصص إبراهيم عليه السلام: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) الأنبياء - 73، وقال سبحانه: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) السجدة - 24، فوصفها بالهداية وصف تعريف، ثم قيدها بالامر، فبين أن الإمامة ليست مطلق الهداية، بل هي الهداية التي تقع بأمر الله، وهذا الامر هو الذي بين حقيقته في قوله: (إنما أمره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ) يس - 83، وقوله: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) القمر - 50، وسنبين في الآيتين ان الامر الإلهي وهو الذي تسميه الآية المذكورة بالملكوت وجه آخر للخلق، يواجهون به الله سبحانه، طاهر مطهر من قيود الزمان والمكان، خال من التغير والتبدل وهو المراد بكلمة - كن الذي ليس إلا وجود الشئ العيني، وهو قبال الخلق الذي هو وجه آخر من وجهي الأشياء فيه التغير والتدريج والانطباق على قوانين الحركة والزمان، وليكن هذا عندك على إجماله حتى يأتيك تفصيله إنشاء الله العزيز.
وبالجملة فالامام هاد يهدي بأمر ملكوتي يصاحبه، فالإمامة بحسب الباطن نحو ولاية للناس في أعمالهم، وهدايتها إيصالها إياهم إلى المطلوب بأمر الله دون مجرد إرائة الطريق الذي هو شأن النبي والرسول وكل مؤمن يهدي إلى الله سبحانه بالنصح والموعظة الحسنة، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء) إبراهيم - 4، وقال تعالى: في مؤمن آل فرعون وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد) مؤمن - 38، وقال تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) التوبة - 122، وسيتضح لك هذا المعنى مزيد اتضاح.
ثم انه تعالى بين سبب موهبة الإمامة بقوله: (لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون