حياتك وقيمة عمرك.
ومن هنا يظهر أولا: أن القسم أعلى مراتب التأكيد في الكلام كما ذكره أهل الأدب.
وثانيا: أن المقسم به يجب أن يكون أشرف من متعلقه فلا معنى لتأكيد الكلام بما هو دونه في الشرف والكرامة. وقد أقسم الله تعالى في كتابه باسم نفسه ووصفه كقوله: (والله ربنا) وكقوله: (فوربك لنسئلنهم) وقوله: (فبعزتك لأغوينهم) وأقسم بنبيه وملائكته وكتبه وأقسم بمخلوقاته كالسماء والأرض والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار واليوم والجبال والبحار والبلاد والانسان والشجر والتين والزيتون. وليس إلا أن لها شرافة حقة بتشريف الله وكرامة على الله من حيث إن كلا منها إما ذو صفة من أوصافه المقدسة الكريمة بكرامة ذاته المتعالية أو فعل منسوب إلى منبع البهاء والقدس - والكل شريف بشرف ذاته الشريفة - فما المانع للداعي منا إذا سئل الله شيئا أن يسأله بشئ منها من حيث أن الله سبحانه شرفه وأقسم به؟ وما الذي هون الامر في خصوص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أخرجه من هذه الكلية واستثناء من هذه الجملة؟.
ولعمري ليس رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأهون عند الله من تينه عراقية، أو زيتونة شامية، وقد أقسم الله بشخصه الكريم فقال: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) الحجر - 72.
ثم إن الحق - ويقابله الباطل - هو الثابت الواقع في الخارج من حيث إنه كذلك كالأرض والانسان وكل أمر ثابت في حد نفسه ومنه الحق المالي وسائر الحقوق الاجتماعية حيث أنها ثابتة بنظر الاجتماع وقد أبطل القرآن كل ما يدعي حقا إلا ما حققه الله وأثبته سواء في الايجاد أو في التشريع فالحق في عالم التشريع وظرف الاجتماع الديني هو ما جعله الله حقا كالحقوق المالية وحقوق الاخوان والوالدين على الولد وليس هو سبحانه محكوما بحكم أحد فيجعل عليه تعالى ما يلزم به كما ربما يظهر من بعض