موضعا لدهشة المفكرين، وحيرتهم إلى اليوم الأخير، وهذا من أعظم نواحي الاعجاز.
ولنتنازل للخصوم عن هذه الدعوى، ولنفرض أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن أميا، ولنتصوره قد تلقن المعارف، وأخذ الفنون والتاريخ بالتعليم، أفليس لازم هذا أنه اكتسب معارفه وفنونه من مثقفي عصره الذين نشأ بين أظهرهم؟ ونحن نرى هؤلاء الذين نشأ محمد صلى الله عليه وآله وسلم بينهم، منهم وثنيون يعتقدون بالأوهام، ويؤمنون بالخرافات، وذلك ظاهر. ومنهم كتابيون يأخذون معارفهم وتأريخهم، وأحكامهم من كتب العهدين التي ينسبونها إلى الوحي، ويعزونها إلى الأنبياء.
وإذ فرضنا أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أخذ تعاليمه من أهل عصره، أفليس لازم هذا أن ينعكس على أقواله ومعارفه ظلال هذه العقائد التي اكتسبها من معلميه ومرشديه ومن هذه الكتب التي كانت مصدر ثقافته وعلومه؟ ونحن نرى مخالفة القرآن لكتب العهدين في جميع النواحي، وتنزيهه لحقائق المعارف عن الموهومات الخرافية التي ملأت كتب العهدين وغيرها من مصادر التعلم في ذلك العصر.
وقد تعرض القرآن الكريم لصفات الله جل شأنه في آيات كثيرة، فوصفه بما يليق بشأنه من صفات الكمال، ونزهه عن لوازم النقص والحدوث. وهذه نماذج منها:
" وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون 2: 116. بديع السماوات والأرض، وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون: 117.
وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم: 163. الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في