هذه جملة من الآيات التي جاء بها الكتاب العزيز في تنزيه الأنبياء و تقديسهم، وإظهارهم على حقيقتهم من القداسة والنزاهة وجميل الذكر.
أما كتب العهدين فقد تعرضت أيضا لذكر الأنبياء ووصفتهم، ولكن بماذا وصفتهم؟! وبأي منزلة وضيعة أنزلت هؤلاء السفرة الأبرار، ولنذكر لذلك أمثلة:
1 - ذكرت التوراة في الأصحاحين الثاني والثالث من سفر التكوين. قصة آدم وحواء وخروجهما من الجنة. وذكرت أن الله أجاز لآدم أن يأكل من جميع الأثمار إلا ثمرة شجرة معرفة الخير والشر. وقال له: " لأنك يوم تأكل منها موتا تموت " ثم خلق الله من آدم زوجته حواء وكانا عاريين في الجنة لأنهما لا يدر كان الخير والشر، وجاءت الحية ودلتهما على الشجرة، وحرضتهما على الاكل من ثمرها وقالت: إنكما لا تموتان بل إن الله عالم أنكما يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتعرفان الخير والشر فلما أكلا منها انفتحت أعينهما، وعرفا أنهما عاريان. فصنعا لأنفسهما مئزرا فرأهما الرب وهو يتمشى في الجنة، فاختبأ آدم وحواء منه فنادى الله آدم أين أنت؟ فقال آدم: سمعت صوتك فاختبأت لأني عريان. فقال الله:
من أعلمك بأنك عريان، هل أكلت من الشجرة؟ ثم إن الله بعد ما ظهر له أكل آدم من الشجرة. قال: هو ذا آدم صار كواحد منا عارف بالخير والشر، والآن يمد يده فيأكل من شجرة الحياة، ويعيش إلى الأبد، فأخرجه الله من الجنة، وجعل على شرقيها ما يحرس طريق الشجرة. وذكر في العدد التاسع من الأصحاح الثاني عشر أن الحية القديمة هو المدعو إبليس، والشيطان الذي يضل العالم كله.
انظر كيف تنسب كتب الوحي إلى قداسة الله أنه كذب على آدم، وخادعه في أمر الشجرة، ثم خاف من حياته، وخشي من معارضته إياه في استقلال مملكته فأخرجه من الجنة، وأن الله جسم يتمشى في الجنة، وأنه جاهل بمكان آدم حين اختفى عنه، وأن الشيطان المضل نصح لآدم، وأخرجه من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة، وإدراك الحسن والقبح.