اللفظي ومعناه، وذهب آخرون إلى أنه مغاير لمدلول اللفظ، وأن دلالة اللفظ عليه دلالة غير وضعية، فهي من قبيل دلالة الأفعال الاختيارية على إرادة الفاعل وعلمه وحياته.
والمعروف بينهم اختصاص القدم بالكلام، إلا أن الفاضل القوشجي نسب إلى بعضهم القول بقدم جلد القرآن وغلافه أيضا (1). وقد عرفت أن غير الأشاعرة متفقون على حدوث القرآن، وعلى أن كلام الله اللفظي ككلماته التكوينية مخلوق له، وآية من آياته. ولا يترتب على الكلام في هذه المسألة وتحقيق القول فيها غرض مهم، لأنها خارجة عن أصول الدين وفروعه، وليست لها أية صلة بالمسائل الدينية، والمعارف الإلهية، غير أنني أحببت التكلم فيها ليتضح لإخواننا الأشاعرة - وهم أكثر المسلمين عددا - أن ما ذهبوا إليه واعتقدوا به وحسبوه مما يجب الاعتقاد به أمر خيالي لا أساس له من العقل والشرع.
وتوضيح ذلك:
أنه لا خلاف في أن الكلام المؤلف من الحروف الهجائية المتدرجة في الوجود أمر حادث يستحيل اتصاف الله تعالى به في الأزل وغير الأزل. والخلاف إنما هو في وجود سنخ آخر من الكلام مجتمعة أجزاؤه وجودا، فأثبتته الأشاعرة وقالت بأنه من صفات الله الذاتية كما يتصف غيره به أيضا. ونفاه غيرهم وحصروا الكلام في اللفظي، وقالوا: إن قيامه بالمتكلم قيام الفعل بالفاعل والصحيح هو القول الثاني.
ودليلنا على ذلك:
أن الجمل: إما خبرية وإما إنشائية. أما الجمل الخبرية، فإنا إذا فحصنا مواردها لن نجد فيها إلا تسعة أمور، وهي التي لا بد منها في الاخبار عن ثبوت شئ لشئ أو عدم ثبوته له: