" وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور 67: 13 ".
وجوابه يظهر مما تقدم:
فإن الكلام كلام في وجوده الذهني، كما هو كلام في وجوده الخارجي ولكل شئ نحوان من الوجود: خارجي وذهني، والشئ هو ذلك الشئ في كلا وجوديه، وإطلاق الاسم عليه بلا عناية. ولا يختص هذا بالكلام، فيقول المهندس: إن في نفسي صورة بناء سأنقشها في خارطة، ويقول المتعبد: إن في نفسي أن أصوم غدا.
الثالث: أنه يصح إطلاق المتكلم على الله، وهذا الهيئة اسم الفاعل وضعت لإفادة قيام المبدأ بالذات قياما وصفيا. ولذا لا يطلق المتحرك والساكن والنائم إلا على من تلبس بالحركة والسكون والنوم، دون من أوجدها. وواضح أن الكلام اللفظي لا يمكن أن يتصف به الله تعالى، لاستحالة اتصاف القديم بالصفة الحادثة، فلا مناص من الالتزام بالكلام القديم، ليصح إطلاق المتكلم على الله سبحانه باعتبار اتصافه به.
وجوابه:
أن المبدأ في صيغة المتكلم ليس هو الكلام، فإنه غير قائم بالمتكلم قيام الصفة بموصوفها حتى في غير الله، فإن الكلام كيفية عارضة للصوت الحاصل من تموج الهواء، وهو أمر قائم بالهواء لا بالمتكلم، والمبدأ في الصيغة المذكورة هو التكلم، ولا نعقل له معنى غير إيجاد الكلام، فإطلاقه على الله وعلى غيره بمعنى واحد.
وأما قول المستدل: " إن هيئة اسم الفاعل وضعت لإفادة قيام المبدأ بالذات قيام الوصف بالموصوف " فهو غلط بين، فان الهيئة إنما تفيد قيام المبدأ بالذات