وأما ما روي عن علي عليه السلام في تحريم المتعة فهو موضوع قطعا، وذلك لاتفاق المسلمين على حليتها عام الفتح، فكيف يمكن أن يستدل علي عليه السلام على ابن عباس بتحريمها في خيبر، ولأجل ذلك احتمل بعضهم أن تكون جملة (زمن خيبر) في الرواية المتقدمة راجعة إلى تحريم لحوم الحمر الأهلية، لا إلى تحريم المتعة، ونقل هذا الاحتمال عن ابن عيينة كما في المنتقى، وسنن البيهقي في باب المتعة.
وهذا الاحتمال باطل من وجهين:
1 - مخالفته للقواعد العربية: لان لفظ النهي في الرواية لم يذكر إلا مرة واحدة في صدر الكلام، فلا بد وأن يتعلق الظرف به، فالذي يقول، أكرمت زيدا وعمرا يوم الجمعة، لا بد وأن يكون مراده أنه أكرمهما يوم الجمعة، أما إذا كان المراد أن إكرامه لعمرو بخصوصه كان يوم الجمعة فلا بد له من أن يقول:
أكرمت زيدا، وأكرمت عمروا يوم الجمعة.
2 - إن هذا الاحتمال مخالف لصريح رواية البخاري، ومسلم، وأحمد عن علي عليه السلام أنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الانسية (1)، وروى البيهقي - في باب المتعة - عن عبد الله بن عمر أيضا رواية تحريم المتعة يوم خيبر (2).
وأما ما روي عن سلمة بن الأكوع عن أبيه، قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها " فهو خبر واحد، لا يثبت به النسخ، على أن ذلك لو كان صحيحا لم يكن خفيا عن ابن عباس، وابن مسعود، وجابر، وعمرو بن حريث، ولا عن غيرهم من الصحابة والتابعين