تعالى رحم الله بها أمة محمد - ص - ولولا نهيه لما احتاج إلى الزنا إلا شفا " (1).
ثم إن الروايات التي استند إليها القائل بالنسخ على طوائف، منها: ما ينتهي سنده إلى الربيع بن سبرة عن أبيه، وهي كثيرة، وقد صرح في بعضها بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قام بين الركن والمقام، أو بين الباب والمقام، وأعلن تحريم نكاح المتعة إلى يوم القيامة. ومنها: ما روي عن علي - ع - أنه روى تحريمها عن رسول الله صلى الله عليه وآله. ومنها: ما روي عن سلمة بن الأكوع.
أماما ينتهي سنده إلى سبرة، فهو وإن كثرت طرقه إلا أنه خبر رجل واحد " سبرة " وخبر الواحد لا يثبت به النسخ. على أن مضمون بعض هذه الروايات يشهد بكذبها، إذ كيف يعقل أن يقوم النبي - ص - خطيبا بين الركن والمقام، أو بين الباب والمقام، ويعلن تحريم شئ إلى يوم القيامة بجمع حاشد من المسلمين، ثم لا يسمعه غير سبرة، أو أنه لا ينقله أحد من ألوف المسلمين سواه، فأين كان المهاجرون والأنصار الذين كانوا يلتقطون كل شاردة وواردة من أقوال النبي صلى الله عليه وآله وأفعاله؟ وأين كانت الرواة الذين كانوا يهتمون بحفظ إشارات يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولحظات عينيه، ليشاركوا سبرة في رواية تحريم المتعة إلى يوم القيامة؟ ثم أين كان عمر نفسه عن هذا الحديث ليستغني به عن إسناد التحريم إلى نفسه؟!. أضف إلى ذلك أن روايات سبرة متعارضة، يكذب بعضها بعضا، ففي بعضها أن التحريم كان في عام الفتح (2) وفي بعضها أنه كان في حجة الوداع (3) وعلى الجملة إن رواية سبرة هذه في تحريم المتعة لا يمكن الاخذ بها من جهات شتى.