يا قتادة إن كنت قد فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت، يا قتادة - ويحك - إنما يعرف القرآن من خوطب به ".
والجواب:
إن المراد من هذه الروايات وأمثالها أن فهم القرآن حق فهمه، ومعرفة ظاهره وباطنه، وناسخه ومنسوخه مختص بمن خوطب به. والرواية الأولى صريحة في ذلك، فقد كان السؤال فيها عن معرفة كتاب الله حق معرفته، وتمييز الناسخ من المنسوخ، وكان توبيخ الإمام عليه السلام لأبي حنيفة على دعوى معرفة ذلك. وأما الرواية الثانية فقد تضمنت لفظ التفسير، وهو بمعنى كشف القناع، فلا يشمل الاخذ بظاهر اللفظ، لأنه غير مستور ليكشف عنه القناع، ويدل على ذلك أيضا ما تقدم من الروايات الصريحة في أن فهم الكتاب لا يختص بالمعصومين عليهم السلام ويدل على ذلك أيضا قوله عليه السلام في المرسلة: " وما ورثك الله من كتابه حرفا " فإن معنى ذلك أن الله قد خص أوصياء نبيه صلى الله عليه وآله بإرث الكتاب، وهو معنى قوله تعالى:
" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا 35: 32 ".
فهم المخصوصون بعلم القرآن على واقعه وحقيقته، وليس لغيرهم في ذلك نصيب. هذا هو معنى المرسلة وإلا فكيف يعقل أن أبا حنيفة لا يعرف شيئا من كتاب الله حتى مثل قوله تعالى:
" قل هو الله أحد 111: 1 ".