(المفلحون) خبره والجملة خبر (أولئك).
واللام: إما للعهد، أي المتقون هم الذين بلغك أنهم يفلحون واشتهروا بذلك، فإنهم حصة معينة من جنس المفلحين مطلقا.
وإما للجنس، أي جنس المفلحين مقصور على المتقين لا يجاوزهم إلى غيرهم، والمبالغة في الثاني، لان قصر الجنس يستلزم قصر الحصة من غير عكس.
وهاهنا معنى آخر أدق وألطف ذكره الشيخ (1) في دلائل الاعجاز وهو أن نشير باللام إلى حقيقة، ثم نصور تلك الحقيقة في الوهم بصورة تناسب ما يحكم بها عليه، ثم نحكم بالاتحاد بين تلك الحقيقة المصورة بهذه الصورة الوهمية وبين المبتدأ، من غير ملاحظة الحصر من أحد الجانبين. وإنما اعتبرت الصورة الوهمية المناسبة، لان الحقيقة لو تركت على حالها لم يكن ادعاء كون المبتدأ متحدا بها مستحسنا مقبولا، فالمراد بالمفلحين على هذا المعنى جنس المفلحين مصورا بصورة وهمية تلائم المتقين، يحكم بالاتحاد بينها وبين المتقين (2).
لا يقال: على هذا التقدير لم يتصور هناك حصر أصلا فكيف يستعمل فيه ضمير الفصل؟
قلنا: يجرد حينئذ لتميز الخبر من النعت وتأكيد الحكم دون القصر.
فإن قلت: قوله: " أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون " جملتان مصوغتان لمدح المتقين، فلم وقعت إحداهما بطريق القصر والحكم بالاتحاد، والأخرى بدونه؟
قلنا: لظهور التلازم بين مسنديهما، فقصر إحداهما في قوة قصر الأخرى، و كذلك الحكم بالاتحاد في إحداهما في قوة الحكم بالاتحاد في الأخرى. وإنما اختير ذلك في الجملة الأخيرة ليقع خاتمة صفاتهم على وجه أبلغ.