تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٩٥
بذلك؟ فأجيب بقوله: (الذين) إلى آخره، وإلا فاستئناف لا محل لها، وكأنه نتيجة الاحكام والصفات المتقدمة، أو جواب سائل قال: ما للموصوفين بهذه الصفات اختصوا بالهدى؟
ويحتمل أن يكون الموصول الأول موصولا بالمتقين، والثاني مفصولا عنه مبتدأ، و (أولئك) خبره.
و (أولئك) اسم إشارة يشترك فيه جماعة الذكور والإناث، وهي هنا إشارة إلى المتقين الموصوفين بتلك الصفات، لا إلى ذواتهم المجردة، لأنه مأخوذ في حد اسم الإشارة أن يكون المشار إليه محسوسا أو في حكم المحسوس، وإنما صار المشار إليه هنا في حكم المحسوس بإجراء هذه الأوصاف عليه وتميزه بها عما عداه، فيجب أن تكون ملحوظة في الإشارة، فإذن يكون قوله: " أولئك على هدى من ربهم " كالبناء على المشتق، ففيه إعلام بأن الأوصاف المذكورة قبل اسم الإشارة، علة لكون المذكورين على الهدى.
وكلمة (أولئك) يمد ويقصر والمد أولى.
وكلمة (على) هذه استعارة تبعية، وإنما كانت استعارة، لأنه شبه تمسك المتقين بالهدى باستقلال الراكب على مركوبه في التمكن والاستقرار، فاستعير له الحرف الموضوع للاستعلاء، كما شبه استعلاء المصلوب على الجذع باستقرار المظروف في الظرف لجامع، فاستعير له الحرف الموضوع للظرفية.
وإنما كانت تبعية، لان الاستعارة في الحرف تقع أولا في متعلق في معناه، كالاستعلاء والظرفية مثلا ثم تسري إليه بتبعية كما حقق في موضعه.
ولك أن تعتبر تشبيه هيئة منتزعة من المتقي والهدى وتمسكه به، بالهيئة المنتزعة من الراكب والمركوب واعتلائه عليه، فيكون هناك استعارة تمثيلية تركب كل من طرفيها، أو تعتبر تشبيهه بالمركوب على طريقة الاستعارة بالكناية، وتجعل كلمة (على) قرينة لها.
وتنكير (هدى) للتعظيم، أي هدى لا يبلغ كنهه ولا يقادر قدره، وكيف يبلغ؟ وقد منحوه من عند ربهم وأتوه من قبيله، أو للنوع.
(٩٥)
مفاتيح البحث: الصّلب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست