[وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون (51) ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون (52) وإذ آتينا موسى الكتب والفرقان لعلكم تهتدون (53)] أدهم، فهاب دخول الماء، تمثل له جبرئيل على فرس أنثى وديق (1) وتقحم البحر، فلما رآها الحصان تقحم خلفها ثم تقحم قوم فرعون، ولما خرج آخر من كان مع موسى من البحر، ودخل آخر من كان مع فرعون البحر أطبق الله عليهم الماء فغرقوا جميعا ونجا موسى ومن معه (2).
واعلم أن هذه الواقعة من أعظم ما أنعم الله به على بني إسرائيل، ومن آياته الملجئة إلى العلم بوجود الصانع الحكيم، وتصديق موسى (عليه السلام)، ثم إنهم اتخذوا العجل وقالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، ونحو ذلك، فهم بمعزل في الفطنة والذكاء وسلامة النفس وحسن الاتباع عن أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، فإنهم اتبعوه مع أن ما تواتر من معجزاته أمور نظرية دقيقة يدركها الأذكياء، وإخباره (عليه السلام) عنها من جملة معجزاته (صلى الله عليه وآله).
وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة: بعد عودهم إلى مصر وهلاك فرعون، وعد الله موسى أن يعطيه التوراة، وضرب له ميقاتا ذي القعدة وعشر ذي الحجة وعبر عنها بالليالي، لأنها غرر الشهور، أو لان وعد موسى وعد قيام الأربعين والقيام بالليل أهم، فذكر الليل إشعار بوعدة قيام الليل، أو لان الظلمة سابقة على النور.