تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٠١
أهلهم لإصابة الزلفى عنده، وبين أن الكتاب هدى ولطف لهم خاصة، قفى على أثره بذكر أضدادهم، وهم العتاة المردة من الكفار الذين لا ينفع فيهم الهدى ولا يجدي عليهم اللطف، وسواء عليهم وجود الكتاب وعدمه وإنذار الرسول وسكوته.
وروي عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في معنى الآية: أنه لما ذكر المؤمنين ومدحهم، ذكر الكافرين المخالفين لهم في كفرهم، فقال: إن الذين كفروا بالله وبما آمن به هؤلاء المؤمنون بتوحيد الله تعالى، وبنبوة محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبوصية علي أمير المؤمنين ولي الله ووصي رسول الله، وبالأئمة الطيبين الطاهرين خيار عباده الميامين القوامين بمصالح خلق الله " سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم " أي خوفتهم أو لم تخوفهم، أخبر عن علم بأنهم " لا يؤمنون " انتهى كلامه (عليه السلام) (1).
ولم يوسط العاطف بين الجملتين، لتباينهما في الغرض والأسلوب.
أما الغرض: فلان الغرض من الأولى بيان كون الكتاب بالغا في الهداية حد الكمال، ومن الثانية وصف الكفار بأنه لا يؤثر فيهم الانذار.
وأما في الأسلوب: فلان طريق الأولى الحكم على الكتاب بجملة محذوفة المبتدأ موصولة بغيرها من ذكر المتقين وأحوال المؤمنين، وطريق الثانية الحكم على الكافرين قصدا بجملة تامة، مصدرة ب‍ (إن) المشعرة بالأخذ في فن آخر لتجرد الأول عنها، بخلاف قوله: " إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم " (2) لتوافقهما في الغرض والأسلوب، وهو ظاهر.
ويحتمل أن يقال: لما كانت النسبة بين المؤمنين والكافرين كمال المباينة، و بين الكافرين والمنافقين كمال المناسبة، قطع ما كان في شأن الكافرين عما كان في شأن المؤمنين، وعطف ما كان في شأن المنافقين على ما هو في شأن الكافرين، تنبيها على تينك النسبتين.

(١) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 33، في ذيل قوله تعالى: " ان الذين كفروا ".
(2) سورة الانفطار: الآية 13 و 14.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست