تدريجي، بخلاف سائر النشئات فإنه يتخلل بينها وبين الآخرة النشأة الدنيوية.
وعن نافع أنه خفقها بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام.
والايقان: إتقان العلم بنفي الشك والشبهة عنه بالاستدلال، ولهذا لا يوصف به علم الباري تعالى والعلوم الضرورية، لا يقال: أيقنت أن السماء فوقي، يقال:
يقنت بالكسر يقينا وأيقنت واستيقنت وتيقنت كله بمعنى. وهو في أصل اللغة ينبئ عن السكون والظهور. يقال: يقن الماء إذا سكن فظهر ما تحته، وقرئ (يؤقنون) بقلب الواو همزة لضم ما قبلها، إجراء لها مجرى المضمومة في وجوه ووقنت، ونظيره:
لحب المؤقدان إلي مؤسى * وجعدة إذ أضاءهما الوقود (1) - وفي هذا الكلام تقديمان يفيد كل منهما القصر:
أحدهما: تقديم الظرف، أعني (بالآخرة) للقصر عليه، كما في قوله تعالى: (لالى الله تحشرون) (2) يعني أنهم يوقنون بحقيقة الآخرة، لا بما هو على خلاف حقيقتها كما يزعم بعض اليهود.
وثانيهما: تقديم المسند إليه، أعني (هم) وبناء الفعل إليه، كما في قولك: " أنا سعيت في حاجتك " - يعني أن الايقان بالآخرة مقصور إليهم لا يتجاوزهم إلى أهل الكتاب.
وفي هذين القصرين التعريض ببعض أهل الكتاب، وبما هم عليه من أمر الآخرة.
أولئك على هدى من ربهم: الجملة في محل الرفع إن جعل أحد الموصولين مفصولا عن المتقين خبر له، وكأنه لما قيل: (هدى للمتقين) قيل: ما بالهم خصوا