تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٠٩
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت يا علي أفضل شهداء الله في الأرض بعد محمد رسول الله، قال: فذلك قوله: " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة " تبصرها الملائكة فيعرفونهم بها، ويبصرها رسول الله محمد، و يبصرها خير خلق الله بعده علي بن أبي طالب (1).
وعلى سمعهم: يحتمل أن يكون معطوفا على قلوبهم، ومعطوفا عليه ل‍ " على أبصارهم ".
ورجح الأول بقوله: " وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة " و بالوقف على سمعهم اتفاقا، ولأنهما لما كان إدراكهما من جميع الجوانب جعل المانع عنه بما يكون كذلك، لظهور أن الغشاء يكون بين المرئي والرائي، و كرر الجار للدلالة على أن الختم يتعلق على كل واحد منهما بالاستقلال، فيكون أشد، ولان تعلق فعل بمجموع أمرين لا يستلزم تعلقه بكل واحد.
وإفراد السمع للأمن من اللبس مع الخفة والتفنن، أو لأنه مصدر وهو لا يجمع، أو على تقدير مضاف أي مواضع سمع، أو لرعاية المناسبة بين المدرك والمدرك، فان مدرك السمع واحد وهو الصوت ومدركاتها أنواع. وقرئ " وعلى أسماعهم ".
ووجه الترتيب: أنه تعالى لما ذكر هذه الطائفة بالكفر، وثانيا باستواء الانذار عليهم، فالختم على قلوبهم ناظر إلى كفرهم، لان الكفر والايمان من صفات القلب، والختم على سمعهم ناظر إلى ذلك الاستواء لان محل ورود الانذار ليس إلا السمع. ولما حكم عليهما بالختم، فصار مكان أن يقال: علمنا وقوع الختم عليهما، ألم تكن لهم أبصار يبصرون بها الآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة، فقال: وعلى أبصارهم غشاوة، ولما لم يكن في نظم الكلام ما ينظر إليه التغشية، غير الأسلوب.
والبصر: قوة أودعت في ملتقى العصبتين المجوفتين النابتين من مقدم

(١) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 36 - 41 في ذيل قوله تعالى: " ختم الله على قلوبهم ".
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست