تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٦٤٠
[مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضعف لمن يشاء والله وسع عليم (261) الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (262) * قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غنى حليم (263)] مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة: على تقدير مضاف، أي مثل نفقتهم كمثل حبة، أو مثلهم كمثل باذر حبة. وإسناد الانبات إلى الحبة مجاز، والمعنى أنه يخرج منها ساق ينشعب منها سبع شعب، لكل منها سنبلة فيها ماءة حبة.
وهو تمثيل لا يقتضي وقوعه، وقد يكون في الذرة والدخن وفي البر وفي الأراضي المغلة (1).

(١) قد تصدى أكثر أرباب التفاسير في تفاسيرهم عند وصولهم إلى هذه الآية في هذا التسائل بأنه ما معنى هذا المثل مع العلم بعدم وجوده في الخارج وأجابوا عنه بأجوبة وجيهة أو غير وجيهة ونحن نذكر بعضها على سبيل الاجمال ونذر النظر والحكم إلى القاري الكريم.
مجمع البيان: ومتى قيل: هل رأى في سنبلة ماءة حبة حتى يضرب المثل بها، فجوابه أن ذلك متصور و إن لم ير، إلى أن قال: وأيضا فقد رأى ذلك في الجاورس ونحوه.
الكشاف: فإن قلت: كيف صح هذا التمثيل والممثل به غير موجود؟ قلت: بل هو موجود في الدخن والذرة وغيرهما، وربما فرخت ساق البرة في الأراضي القوية المقلة فيبلغ حبها هذا المبلغ، ولو لم يوجد لكان صحيحا على سبيل الفرض والتقدير.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل: وهو تمثيل لا يقتضي وقوعه، وقد يكون في الذرة والدخن وفي البر في الأراضي المغلة.
التفسير الكبير: للفخر الرازي: فإن قيل: فهل رأيت سنبلة فيها ماءة حبة حتى يضرب المثل بها؟
قلنا: الجواب عنه من وجوه.
الأول: ان المقصود من الآية انه لو علم انسان يطلب الزيادة والربح أنه إذا بذر حبة واحدة أخرجت له سبعماءة حبة، ما كان ينبغي له ترك ذلك ولا التقصير فيه، فكذلك ينبغي لمن طلب الاجر في الآخرة عند الله أن لا يتركه إذا علم أنه يحصل له على الواحدة عشرة، وماءة، وسبعماءة. وإذا كان هذا المعنى معقولا سواء وجد في الدنيا سنبلة بهذه الصفة أولم يوجد كان المعنى حاصلا مستقيما، وهذا قول القفال ره وهو حسن جدا.
والجواب الثاني: إنه شوهد ذلك في سنبلة الجاورس، وهذا الجواب في غاية الركاكة.
جامع البيان للطبري: فان قال قائل: وهل رأيت سنبلة فيها ماءة حبة؟ أو بلغتك؟ فضرب بها مثل المنفق في سبيل الله ماله. قيل: إن يكن ذلك موجودا فهو ذاك، وإلا فجائز أن يكون معناه كمثل سنبلة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة ماءة حبة أن جعل الله ذلك فيها. ويحتمل أن يكون معناه في كل سنبلة مائة حبة، يعني أنها إذا هي بذرت أنبتت مائة حبة، فيكون ما حدث عن البذر الذي كان منها من الماءة حبة مضافا إليها، لأنه كان عينها، وقد تأول ذلك على هذا الوجه بعض أهل التأويل.
التبيان للطوسي: فإن قيل: هل رأى في سنبلة مائة حبة حتى يضرب المثل بها؟ قيل: عنه ثلاثة أجوبة أولها: أن ذلك متصور فشبه لذلك وإن لم ير، كما قال امرء القيس:
* ومسنونة زرق كأنياب أغوال * وقال تعالى: " طلعها كأنه رؤوس الشياطين " الثاني: إنه قد رأى ذلك في سنبل الدخن.
الثالث: إن السنبلة تنبت مائة حبة، فقيل فيها على ذلك المعنى، كما يقال: في هذه الحبة حب كثير، والأول هو الوجه.
الجامع لاحكام القرآن للقرطبي: ثم قيل: المراد سنبل الدخن فهو الذي يكون في السنبلة منه هذا العدد قلت: هذا ليس بشئ، فإن سنبل الدخن يجئ في السنبلة منه أكثر من هذا العدد بضعفين وأكثر على ما شاهدناه قال ابن عطية: وقد يوجد في سنبل القمح ما فيه مائة حبة، فأما في ساير الحبوب فأكثر، ولكن المثال وقع بهذا القدر، ثم أورد ما نقلناه عن الطبري آنفا.
تفسير أبي السعود: يشاهد ذلك في الذرة والدخن في الأراضي المغلة، بل أكثر من ذلك.
روح البيان للشيخ إسماعيل حقي: كما يشاهد ذلك في الذرة والدخن في الأراضي المغلة، بل أكثر من ذلك.
الميزان للعلامة الطباطبائي المعاصر: ومن أسخف الاشكال ما أورد على الآية. إنه تمثيل بما لا تحقق له في الخارج، وهو اشتمال السنبلة على مائة حبة. وفيه أن المثل كما عرفت لا يشترط فيه تحقق مضمونه في الخارج، فالأمثال التخيلية أكثر من أن تعد وتحصى، على أن اشتمال السنبلة على مائة حبة وإنبات الحبة الواحدة سبعمائة حبة ليس بعزيز الوجود هذا ما تيسر عاجلا من أقوال المفسرين في ذلك، والله الهادي إلى الصواب.
(٦٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 635 636 637 638 639 640 642 643 644 645 646 ... » »»
الفهرست