تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٨٧
وأن يجعل من قولهم: قام بالامر، أي تجلد وتشمر له، فإقامة الصلاة على هذا جعلها متجلدة متشمرة، أي كالمتجلدة المتشمرة لاخراج المصلي عن عهدة أدائها، أو إنقاذها عن تبعة تركها، ولا يتيسر ذلك إلا بتجلد المصلي وتشمره لها، فجعل كناية عنه.
وبالجملة: فالمراد بإقامتها تحصيلها الذي هو أداؤها مطلقا، أو تعديل أركانها الظاهرة، وتقويم حقائقها الباطنة، أو الدوام والمحافظة عليها، أو التجلد والتشمر لأدائها.
والصلاة فعلة من صلى كالزكاة من زكى، كتبت بالواو على لفظ المفخم اسم الفاعل، والتفخيم هنا إمالتها نحو الواو، وقيل: للدلالة على أنها واوية.
والمشهور أنها في اللغة بمعنى الدعاء، وورود الصلاة بمعنى الدعاء في كلام العرب قبل شرعية الصلاة المشتملة على الأركان المخصوصة، وفي كلام من لا يعرفها دليل على ذلك، ثم نقلت إلى ذات الأركان لاشتمالها على الدعاء، أو لأنها دعاء بتمامها بالألسنة الثلاثة، القول والفعل والحال، ووجه إطلاق المصلي على الداعي ظاهر.
وقيل: إنها من صلى بمعنى حرك الصلوين، أي طرفي الأليين (1) وذلك لان أول ما يشاهد من أحوال الصلاة إنما هو تحريك الصلوين للركوع، فإن القيام لا يختص بالصلاة. وإنما سمي الداعي مصليا تشبيها له في تخضعه بالراكع والساجد.
وإقامة الصلاة أعم من المفروضات والمسنونات.
ومما رزقناهم ينفقون: الرزق في الأصل الاخراج، لان التركيب وقلبه أعني زرق يدلان عليه، وشاع في اللغة أولا على إخراج خط إلى آخر ينتفع به. وهذا يلائم ما يذهب إليه بعضهم حيث يجعلون الرزق عاما، بحيث يتناول كل غذاء جسماني كالأطعمة والأشربة وغيرهما، وروحاني كالعلوم والمعارف، ثم شاع استعمالا وشرعا على إعطاء الحيوان ما ينتفع به، ويستعمل بمعنى المرزوق كثيرا،

(١) لسان العرب: ج ١٤، ص 465، قال أهل اللغة في الصلاة: انها من الصلوين، وهما مكتنفا الذنب من الناقة وغيرها وأول موصل الفخذين من الانسان، فكأنهما في الحقيقة مكتنفا العصعص.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست