تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٠٠
[إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (6)] أولا (صلى الله عليه وآله) ومتابعيه آخرا، فيقول: (ألم) أي أقسم بالأول وذي الامر والخلق أن (ذلك) الموجود المعلوم المشهود، أعني العالم، هو الكتاب، الجامع لحروف وكلمات مخطوطة مرقومة في رق الوجود المنشور، للدلالة على أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، ولا تزال الكتابة فيه دائمة أبدا لا ينتهي " لا ريب فيه "، لان تلك الدلالة قطعية عقلية أو كشفية لا مجال للشك والريب فيها، (هدى) للمشارفين على التوقي من الحجب المانعة عن التحقق بشهود الوحدة والكثرة، (الذين يؤمنون) بغيب الهوية وسريانها: أولا في الصور العلمية الباطنة التي هي الأعيان الثابتة ولها الأولية، وثانيا في الصور العينية الظاهرة التي هي أعيان الخارجية، ولها الآخرية، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن. وبعد الايمان بها يسلكون طريق الوصول إلى شهودها في تلك الصور بوحدتها، ف‍ (يقيمون الصلاة) التي هي العبادة التامة الجامعة الموصلة إلى شهود الجمعية الإلهية، بتحريك صلويهم الروحانية والجسمانية للسير إليها والفناء فيها، ومما أفيض عليهم بعد الفناء من أنوار المعرفة وأسرار الوحدة يفيضون على من سواهم، لجعلهم بالتربية والكمال مستعدين لفيضانها، والذين يصدقون لصفاء استعدادهم بما انزل إليك وبما انزل إلى الأنبياء والمرسلين من تلك الأنوار والاسرار، حيث يفهمونها بلسان الإشارة عنك فيرغبون فيها و يسلكون للوصول إليها. و (بالآخرة) أي بعاقبة سلوكهم ومآل أمرهم إلى فيضان تلك الأنوار والاسرار في أثناء سلوكهم لظهور آثارها، متيقنون، " أولئك على هدى من ربهم " الظاهر بالاسم الهادي في مظاهره، لا يحتجبون بالمظاهر عن الظاهر " وأولئك هم المفلحون " الذين خرقوا حجب المظاهر وشقوها فيشاهدون مشهودهم كفاحا.
إن الذين كفروا: لما ذكر خاصة أوليائه وخالصة عباده بصفاتهم التي
(١٠٠)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست