وقوله:
يا لهف زيابة للحارث * الصابح فالغانم فالآيب (1) - والمعنى أنهم الجامعون بين الايمان بما يدركه العقل جملة، والاتيان بما يصدقه من العبادات البدنية والمالية، وبين الايمان بما لا طريق إليه غير السمع.
وكرر الموصول، تنبيها على تباين السبيلين، أو طائفة منهم وهو مؤمنو أهل الكتاب ذكرهم مخصصين عن الجملة، كذكر جبرئيل وميكائيل بعد الملائكة تعظيما لشأنهم وترغيبا لأمثالهم.
ويحتمل أن يكون مع ما عطف عليه مبتدأ وأولئك خبره.
والانزال تحريك الشئ من العلو إلى السفل، فالمراد بالمنزل إن كان الكلام الذي هو صفته، فإنزاله تحريكه بالحركة المعنوية إلى مظاهره السفلية بعد ظهوره في المظاهر العلوية، فإنه يظهر أولا في المظاهر العقلية ثم النفسية ثم المثالية ثم الحسية.
وإن كان كلامه هو القرآن المنتظم من الحروف والكلمات، فإنزاله تحريكه من المعاني العلمية الإلهية إلى العقلية ثم النفسية ثم إلى صور الحروف والكلمات المثالية ثم الحسية، وعلى هذا يكون الانزال مستعملا في معناه المجازي، فيكون من قبيل المجاز في المفرد. ولك أن تجعله من قبيل المجاز في الاسناد، بأن يكون الانزال مستعملا في معناه الحقيقي، ويسند إلى القرآن باعتبار حامله الذي هو جبرئيل