تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٩١
وقوله:
يا لهف زيابة للحارث * الصابح فالغانم فالآيب (1) - والمعنى أنهم الجامعون بين الايمان بما يدركه العقل جملة، والاتيان بما يصدقه من العبادات البدنية والمالية، وبين الايمان بما لا طريق إليه غير السمع.
وكرر الموصول، تنبيها على تباين السبيلين، أو طائفة منهم وهو مؤمنو أهل الكتاب ذكرهم مخصصين عن الجملة، كذكر جبرئيل وميكائيل بعد الملائكة تعظيما لشأنهم وترغيبا لأمثالهم.
ويحتمل أن يكون مع ما عطف عليه مبتدأ وأولئك خبره.
والانزال تحريك الشئ من العلو إلى السفل، فالمراد بالمنزل إن كان الكلام الذي هو صفته، فإنزاله تحريكه بالحركة المعنوية إلى مظاهره السفلية بعد ظهوره في المظاهر العلوية، فإنه يظهر أولا في المظاهر العقلية ثم النفسية ثم المثالية ثم الحسية.
وإن كان كلامه هو القرآن المنتظم من الحروف والكلمات، فإنزاله تحريكه من المعاني العلمية الإلهية إلى العقلية ثم النفسية ثم إلى صور الحروف والكلمات المثالية ثم الحسية، وعلى هذا يكون الانزال مستعملا في معناه المجازي، فيكون من قبيل المجاز في المفرد. ولك أن تجعله من قبيل المجاز في الاسناد، بأن يكون الانزال مستعملا في معناه الحقيقي، ويسند إلى القرآن باعتبار حامله الذي هو جبرئيل

(1) هو من أبيات لابن زيابة، واسمه مسلمة بن زهل، وزيابة أمه، وكان الحارث قد أغار على قوم الشاعر ولم يكن حاضرا، فهو يتأسف من عدم ملاقاته، وقبله:
أنا ابن زيابة إن تدعني * آتك والظن على لكاذب - وبعده:
والله لو لاقيته وحده * لآب سيفانا مع الغالب - يعني أتأسف للحارث الذي صبح قومي بالغارة فغنم فرجع صحيحا بأن لا أكون أصادفه فأقتله، جامع الشواهد: ص 374، باب الياء بعده الألف.
(٩١)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست