تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٩٢
(صلوات الله عليه).
وإنما جاء بصيغة الماضي وإن كان بعضه مترقبا، تغليبا للموجود على ما لم يوجد، أو تنزيلا للمنتظر منزلة الواقع ونظيره قوله تعالى: " إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى " (1)، فإن الجن لم يسمعوا جميعه، ولم يكن الكتاب كله حينئذ منزلا، والمعنى الذين يؤمنون بالقرآن الذي أنزل إليك بعد ظهورك بالوجود الجسماني الشهادي. وإنما قيدنا بذلك، لأنه بحسب الوجود الروحاني العيني مقدم على الكل، قال (صلى الله عليه وآله): (كنت نبيا) أي مبعوثا من عند الله في العالم الروحاني إلى الأرواح البشريين والملكيين (وآدم بين الماء والطين) (2) أي لم يكمل بدنه الجسماني الشهادي بعد، فكيف من دونه من أنبياء أولاده؟
والايمان به - جملة - فرض عين، وتفصيلا - من حيث أنا متعبدون بتفاصيله - فرض لكن على الكفاية، لان وجوبه على كل أحد يوجب الحرج وفساد المعاش.
وما أنزل من قبلك: مجرور معطوف على ما أنزل قبله، اي قبل وجودك الجسماني الشهادي، والمراد به التوراة والإنجيل وغيرهما، والايمان به - جملة - فرض عين. وقرأ يزيد بن قطيب: بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك، على لفظ ما سمي فاعله (3).
أقول: من جملة ما أنزل إلى النبي وإلى الأنبياء قبله (عليهم السلام) - بل العمدة والأصل - خلافة علي بن أبي طالب (عليه السلام) عنه بلا واسطة أحد غيره.
يدل على ذلك ما روي أنه قد حضر رجل عند علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: ما تقول في رجل يؤمن بما أنزل على محمد وما أنزل من قبل، ويؤمن بالآخرة، ويصلي، ويزكي، ويصل الرحم، ويعمل الصالحات، لكنه يقول مع

(١) سورة الأحقاف: الآية ٣٠.
(٢) عوالي اللئالي: ج ٤، ص 121، ح 200، ولاحظ أيضا ما علقنا عليه.
(3) الكشاف: ج 1، ص 42
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست