تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٠٦
[ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصرهم غشوة ولهم عذاب عظيم (7)] لا يؤمنون: تأكيد أو بيان للجملة التي قبلها، أعني سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم، وحينئذ يكون محله الرفع إن جعل ما قبله جملة من مبتدأ وخبر، لا صفة مع الفاعل، فإنه على هذا التقدير لم يكن لقوله (يؤمنون) محل، أو خبر بعد خبر، أو جملة مستأنفة، أو حال من مفعول أنذرتهم.
قيل: أو خبر، وقوله: (سواء) إلى آخره اعتراض بين المبتدأ والخبر، ورد بأن الاخبار عن المصرين على الكفر بعدم الايمان لا فائدة فيه.
واحتجت المجوزة لتكليف ما لا يطاق بالآية، بأنه سبحانه أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون وأمرهم بالايمان، فلو آمنوا انقلب خبره كذبا، وشمل إيمانهم الايمان بأنهم لا يؤمنون فيجتمع الضدان.
والجواب: أن الاخبار بوقوع الشئ أو عدمه لا ينفي القدرة عليه، كإخباره تعالى عما يفعله هو والعبد باختياره. وفائدة الانذار بعد العلم بأنه لا ينجع إلزام الحجة، وحيازة الرسول فضل الابلاغ، ولذلك قال: (سواء عليهم) ولم يقل سواء عليك، كما قال لعبدة الأصنام: " سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون " (1).
وقد حقق الكلام في هذا الجواب العلامة النحرير القزويني (2) في حاشيته الشريفة على العدة.
ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصرهم غشوة: بيان وتأكيد

(١) سورة الأعراف: الآية ١٩٣.
(٢) هو المولى خليل بن الغازي القزويني المولود سنة ١٠٠١ ه‍، والمتوفى سنة ١٠٨٩ ه‍. انظر الذريعة:
ج ٦
، ص 148.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست