تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٩٠
فاعل (قالوا) بتقدير " قد " عند البصرية، كقوله تعالى: " جاؤكم حصرت صدورهم " (1) وبدونه عند الكوفية، وللمرزوق والرزق من حيث وحدتهما الجنسية توحد، ومن حيث أثنينيتهما النوعية تعدد، فإفراد الضمير للجهة الأولى، وجعل متشابها المقتضي تعدد الفاعل حالا عنه بالاعتبار الثاني. والمعنى واتوا به متشابها به، أي بهذا الجنس حال كونه متشابها في كل من نوعيه نفسه في الآخر، فمرجعه على الوجه الأول هو جنس المرزوق الشامل لكل من مرزوق الدنيا والآخرة، فإنه يفهم من مضمون ما تقدم، وعلى الوجه الثاني هو الرزق.
قال علي بن إبراهيم: يؤتون من فاكهة واحدة على ألوان متشابهة (2).
ولهم فيها أزوج مطهرة: الزوج يقال للذكر والأنثى، وهو في الأصل لما له قرين من جنسه كزوج الخف. فالذين آمنوا إن كان شاملا للمؤمنين والمؤمنات تغليبا، فمعنى " لهم فيها أزواج " أن للذكور أزواجا من جنس الإناث، والمراد به إما الحور العين، أو نساء الدنيا سلبت عنها القذرات، وإرادة الأعم أولى، وللإناث أزواجا من جنس الذكور. وإن كان خاصا بالمؤمنين اكتفاء بهم، لأنه يعرف حال المؤمنات بالقياس إلى حالهم، فمعناه أن للمؤمنين أزواجا مطهرة.
وقرئ مطهرة بتشديد الطاء وكسر الهاء بمعنى مطهرة ومطهرات، وهي تؤيد الاحتمال الثاني، لان القياس على الأول مطهرون، فإنه لم يعهد تغليب النساء على الرجال. ومطهرة أبلغ من طاهرة ومطهرة، لأنها تنبئ من أن مطهرا طهرها، وليس هو إلا الله عز وجل.
والمراد بتطهرها أن طهرت مما يختص بالنساء من الحيض والاستحاضة وما لا يختص من الأقذار والأدناس، ويجوز أن يدخل تحته الطهر من ذمائم الأخلاق و قبائح الافعال.
وإنما لم يجمع الصفة كالموصوف إذا أتى بها على قاعدة الرجال والنساء فعلت

(١) سورة النساء: الآية ٩٠.
(٢) تفسير القمي: ج ١، ص 34.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست