للعهد، إشارة إلى الأنهار المذكورة في قوله تعالى: " أنهار من ماء غير آسن " (1) والأول أحسن، والثاني مذهب كوفي مرجوح، وقد منعه صاحب الكشاف حيث قال في قوله تعالى: " فإن الجحيم هي المأوى " (2) المعنى فإن الجحيم هي مأواه، وليس الألف واللام بدلا من الإضافة، لكن لما علم أن الطاغي هو صاحب المأوى، ولأنه لا يغض الرجل طرف غيره تركت الإضافة (3)، والثالث مع توقفه على سبق ذكر المنكر على المعروف، فيه بعد لا يخفى.
وإنما نعت الجنان يجري الأنهار تحتها، لان الرياض وإن كانت أحسن شئ إذا لم يجر فيها الماء كانت كتماثيل لا أرواح فيها، وصور لا حياة فيها، ولهذا قدمها على سائر نعوتها. وعن مسروق: أن أنهار الجنة تجري في غير أخدود (4)، والأخدود:
الشق المستطيل في الأرض، والمعنى: أن تلك الجنات تجري من تحتها أنهار من ماء و لبن وعسل.
كلما رزقوا: صفة ثانية لجنات، وترك العاطف بينهما تنبيها على أن كل واحد منهما صفة على الاستقلال، أو استئناف، كأنه لما قيل: أن لهم جنات، وقع في قلب السامع، أثمارها مثل ثمار الدنيا، أم أجناس اخر، فأزيح بذلك، أو خبر مبتدأ محذوف والتقدير: هي أو هم.
ورد ذلك الأخير: أن تلك الجملة المحذوفة المبتدأ، إن جعلت صفة أو استئنافا كان تقدير الضمير مستدركا، وإن جعلت ابتداء كلام لا يكون صفة ولا استئنافا، فلتكن كذلك بلا حذف.