تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٨٧
التحريم، ولا يرد أن سماعهم على هذه الوجوه لا يفيدهم العلم إذ لا يعتقدون صدق ما يسمعونه، لان المراد بالعلم معناه الأعم.
أعدت للكافرين: أي هيئت لهم وجعلت عدة لعذابهم، وقرئ (اعتدت) من العتاد بمعنى العدة.
وبشر الذين ء امنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنت: عطف على الجملة السابقة. والمقصود عطف حال من آمن ووصف ثوابه على حال من كفر وكيفية عقابه، على ما جرت به العادة الإلهية من أن يشفع الترغيب بالترهيب، تنشيطا لارتكاب ما ينجي، وتثبيطا عن اقتراف ما يردي، لا عطف الفعل نفسه حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهي فيعطف عليه.
والجنة المرة من الجن، وهو مصدر جنه إذا ستره، ومدار التركيب على السترة بها الشجر المظلل لالتفاف أغصانه للمبالغة، كأنه يستر ما تحته سترة واحدة.
تجرى من تحتها الأنهر: صفة لجنات، أي من تحت أشجارها على حذف المضاف، أو أراد الأشجار بالجنات مجازا، أو من ضميرها على سبيل الاستخدام. و (من) ابتدائية أو تبعيضية، فإن الماء لا يجري في جميع أسافل الأشجار بل في بعضها. ويحتمل أن يكون المراد في تحتها، على ما مر.
والأنهار: جمع نهر بالسكون أو بالفتح، وهو الأفصح. وجاز في ما عينه أو لامه حرف حلق أربعة أوجه: فتح الفاء والعين، وفتح الأول وكسر الثاني، وكسرهما، وكسر الأول مع سكون الثاني. لكن لم يسمع من هذه الوجوه في النهر إلا اثنان.
وهو المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر كالنيل والفرات. والتركيب للسعة، والمراد ماؤها على الاضمار، أو المجاري أنفسها، واسناد الجري إليها مجاز كما في قوله تعالى: " وأخرجت الأرض أثقالها " (1) أو على التجوز في المفرد بإطلاق اسم المكان على المتمكن. واللام فيها إما للجنس من غير قصد إلى العموم والاستغراق، كما في قولك: لفلان بستان فيه الماء الجاري، أو بدله من الإضافة، أي أنهارها، أو

(1) سورة الزلزلة: الآية 2.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست