تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٨٩
وأجيب: بأن تقدير (هي) يظهر معنى الوصفية، وبتقدير (هم) يقوى شأن الاستئناف، فلا استدراك.
وفيه ضعف لا يخفى.
منها: متعلق ب‍ (رزقوا).
من ثمرة رزقا: متعلق به أيضا، وكلمة (من) فيهما لابتداء الغاية.
فإن قلت: لا يصح أن يتعلق بفعل واحد حرفا جر يتحدان في المعنى عند النحاة إلا على قصد الابدال والتبعية.
قلت: لا مجال لذلك في الآية الكريمة، فإنهما ليستا متعلقتين بفعل واحد، بل بفعلين مختلفين بالاطلاق والتقييد، فالمطلق أعني (رزقوا) جعل مبتدأ من الجنات و بعد تقييده بالابتداء منها جعل مبتدء من الثمرة. مع أنه لقائل أن يمنع عدم صحة الابدال هاهنا، فإنه يجوز أن يكون بدلا من الأولى بتقدير صفة، أي من ثمرة كائنة منها، وكلا الظرفين لغو ل‍ (رزقوا)، فلا حاجة إلى أن يجعل الأول حالا من (رزقا) والثاني من ضميره فيها.
قالوا هذا الذي رزقنا: أي هذا الظاهر المحسوس من المرزوق كالمرزوق الذي رزقناه في الشكل واللون، لا في الطعم، فحذف أداة التشبيه، ووجهه للمبالغة كما في زيد أسد.
ويحتمل أن يجعل (هذا) إشارة إلى نوع ما رزقوا، فلا حاجة إلى اعتبار التشبيه، فإن نوع المرزوق في الآخرة هو نوع المرزوق في الدنيا.
من قبل: أي من قبل هذا في الدنيا. وإنما جعل الثمران متشابهين، لان الطبع إلى المألوف أميل وإلى تناوله أسرع، ووجود المزية أظهر، إذ لو كان جنسا لم يعهد ظن أنه لا يكون إلا كذلك، وإعجاب النفس به واستغرابه له أشد، أو في الجنة لما روي أن ثمار الجنة إذا جنيت بدل الله مكانها مثلها فقالوا: " هذا الذي رزقنا من قبل " لاشتباه الامر عليهم أو لاستغرابهم إياه وابتهاجهم به. وفيه أن قول ذلك في المرة الأولى لا معنى له كما يقتضيه عموم (كلما).
وأتوا به متشبها: جملة معترضة بين أوصاف الجنة لتقرير ما قالوا، أو حال من
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست