تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٨٥
بالامتناع ووجوب خلو الحال عنها إذا لم يكن يلزم المفارقة في الزمان بينها وبين صاحبها، وبمحض قول جماعة إذا علم مأخذ قولهم لا تجب متابعتهم وإن كانوا مشاهير، خصوصا إذا لم يوجد ذلك الاشتراط في كلام من هو أشهر منهم، انتهى كلام ذلك العلامة.
فلينظر إلى ما في هذا الكلام من الخبط.
ثم قال: وعلى التقديرين. هذا الكلام معجزة أخرى له (عليه السلام)، إذ أخبر وكان كما أخبر.
أقول: على تقدير كونه اعتراضا معجزة، وعلى تقدير كونه حالا - كما قال - فلا، فإن الجمل التي لها محل من الاعراب وقعت موقع المفردات، فتكون نسبها ملحوظة اجمالا، ولا يصح اتصافها بالصدق والكذب.
والوقود بالفتح: الحطب ترفع به النار، وأما المصدر فمضموم، وقد جاء فيه الفتح. وقرئ بالضم على أنه مصدر مستعمل بمعنى المفعول مجازا لغويا، فأريد بالوقود ما يتوقد به، كما يراد بفخر قومه ما يفتخرون به، وبزين بلده ما يتزين به بلده أو على أنه حقيقة، والمجاز إسناد الناس إليه وحمل عليه، كما في قولك: حياة المصباح السليط، أي الزيت الجيد، فقد جعل السليط الذي به قوام حياته عينها و محمولا لها.
وفي قراءة فتح الواو على تقدير المصدرية، يجري هذان الوجهان.
ووجه بتقدير مضاف، إما في جانب المبتدأ والخبر، كما يقال: أصحاب وقودها الناس والحجارة، أو وقودها إحراق الناس والحجارة.
والحجارة جمع حجر، كجمالة جمع جمل، وهو قليل غير منقاس. والمراد بها إما أصنامهم التي نحتوها وعبدوها، كما يدل عليه قوله تعالى: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " (1).
وإنما قرنوا بها، لأنهم قرنوا بها أنفسهم بالعبادة لها، أو لأنها كانت منشأ

(1) سورة الأنبياء: الآية 98.
(١٨٥)
مفاتيح البحث: سورة الأنبياء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست