تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٧٨
والشرف والبلاغة.
وإن كانت واوها مبدلة عن الهمزة، فمن السؤرة التي هي البقية والقطعة من الشئ.
وضعف هذا الوجه من حيث اللفظ، إذا لم تستعمل مهموزة في السعة ولا في الشاذة المنقولة في كتاب مشهور، وإن أشعر به كلام الأزهري حيث قال: و أكثر القراء على ترك الهمزة في لفظ السورة (1). وأما من حيث المعنى فلأنها اسم ينبئ عن قلة وحقارة. وأيضا استعماله فيما فضل بعد ذهاب الأكثر، ولا ذهاب هنا إلا تقديرا باعتبار النظر إليها نفسها، فكأنها قد ذهب ما عداها.
من مثله: إما ظرف مستقر صفة لسورة، أو ظرف لغو ل‍ (فأتوا)، والضمير على كل من التقديرين إما عائد إلى (ما نزلنا) أو إلى (عبدنا).
فهذه أربع صور:
أولها: أن يكون الظرف صفة ل‍ (سورة)، والضمير عائد إلى ما (نزلنا) وكلمة (من) بيانية، لان السورة المفروضة التي بها الامر التعجيزي مثل المنزل في حسن النظم والغرابة في البيان. والعجز إنما هو عن الاتيان بالمثل الذي هو المأمور به، وإن جعلت تبعيضية أوهمت أن للمنزل مثلا عجزوا من الاتيان ببعضه، كأنه قيل:
فأتوا ببعض ما هو مثل للمنزل، فالمماثلة المصرح بها ليست من تتمة المعجوز منه حتى يفهم أنها منشأ العجز. وكذا الحال إن جعلت ابتدائية، فإنها توهم أن للمنزل مثلا عجزوا عن الاتيان بسورة مبتدأة منه، فالمماثلة من تتمة المعجوز منه، مع أن في مبدئية الكل للجزء خفاء، وذهب الأخفش إلى أنها زائدة (2).
وثانيها: أن يكون الظرف صفة لسورة، والضمير عائد إلى عبدنا، وحينئذ يتعين أن تكون (من) ابتدائية، فإن السورة مبتدأة، ناشئة من مثل العبد. ولا وجه لسائر المعاني.

(١) تفسير القرآن الكريم للشهيد مصطفى الخميني: ج ٤، ص ١١.
(٢) تفسير البيضاوي: ج ١، ص 35.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست