مثلا: اضرب زيدا غدا يركب، لفظ يركب حال بأحد المعنيين غير حال بالآخر، لأنه ليس في زمان التكلم، لكنهم التزموا تجريد صدر هذه الجملة - أي المصدرة بالمضارع - عن علم الاستقبال لتناقض الحال والاستقبال في الظاهر، وإن لم يكن التناقض هنا حقيقيا. ولمثله التزموا لفظة (قد) إما ظاهرة أو مقدرة في الماضي إذا كان حالا مع أن حاليته بالنظر إلى عامله، ولفظة (قد) تقرب الماضي من حال التكلم فقط، وذلك لأنه كان يتنافى في الظاهر لفظ الماضي والحالية فقالوا: جاء زيد العام الأول وقد ركب، فالمجئ بلفظ (قد) هنا لظاهر الحالية، كما أن التجريد عن حرف الاستقبال في المضارع لذلك. (1) انتهى.
والعلامة التفتازاني: اقتفى أثره في المطول (2).
والمحقق الشريف في حاشية المطول رد عليه وقال: وهذا الوجه وإن كان منقولا في الموضعين عن كلام الرضي، لكنه غير مرضي كما ترى. والصواب أن يقال: إن الافعال إذا وقعت قيودا لما له اختصاص بأحد الأزمنة فهم منها استقباليتها وحاليتها وماضويتها بالقياس إلى ذلك المقيد لا إلى زمان التكلم كما في معانيها الحقيقية، وليس ذلك بمستبعد، انتهى (3).
وابن هشام في مغني اللبيب في تمييز الجمل المعترضة عن الحالية صرح بأن المصدرة بحروف الاستقبال اعتراضية، وشنع على من جعلها حالية، لكن لم ينقل الوجه هنا (4).
وأنا أقول: إن كان يعلم من تتبع كلام الفصحاء من العرب العرباء، أن أمثال هذه اعتراضية وليست بحالية وأنهم لم يستعملوها حالا، لكان لكلام النحاة وجه، ويحسن منهم ارتكاب ما ارتكبوا في هذا الباب، ومعلوم أن الامر ليس كذلك. وعدم شيوع دخول الحرف والاستقبال على الجمل الحالية لا يوجب الحكم