تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٥٦
وإنما جاءت الأشياء نكرة، لان المراد أنواع منها، كأنه قيل: فيه ظلمات واجبة، ورعد قاصف، وبرق خاطف.
والأصل في كلمة " في " أن تستعمل في ظرفية الأجسام للأجسام، ثم اتسع فيها فاستعمل في ظرفية الزمان للاحداث، ولمحلية المعروضات لاعراضها، والموصوفات لصفاتها، إلى غير ذلك.
يجعلون أصابعهم في آذانهم: الضمائر ترجع إلى أصحاب الصيب. ولفظ الأصحاب وإن حذف وأقيم الصيب مقامه، ولكن معناه باق، فيجوز أن يعول عليه.
وهو استئناف لا محل له من الاعراب، فكأنه لما ذكر ما يؤذن بالشدة والهول قيل: فكيف حالهم مع ذلك؟ فأجيب بأنهم يجعلون أصابعهم في آذانهم.
فإن قلت: الجواب حينئذ لا يكون مطابقا للسؤال، فإنه بين حينئذ حالهم مع الصواعق دون الرعد.
قلت: لما كانت الصاعقة قصفة رعد تنقض معها شقة من نار، كان الجواب مطابقا، كأنه قيل: يجعلون أصابعهم في آذانهم من شدة صوت الرعد وانقضاض قطعة نار معها.
ويحتمل أن يكون حالا من المضاف إلى الصيب المحذوف.
و " جعل " جاء متعديا إلى مفعولين نحو جعلت الطين خزفا، أي صيرت، وإلى مفعول واحد كقوله: " وجعل الظلمات والنور " (1) أي صنع، وبمعنى التسمية كقوله " وجعلوا لله أندادا " (2)، أي سموا له، وبمعنى أفعال المقاربة، نحو جعل زيد يفعل.
واليد تتجزأ إلى الأنملة والإصبع والكف والساعد والعضد، والمتعين منها لسد الآذان أنملة السبابة، فإطلاق الأصابع موضع الأنامل - بل بعضها - من

(1) سورة الأنعام: الآية 1.
(2) سورة إبراهيم: الآية 30.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست