تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٥٩
[يكاد البرق يخطف أبصرهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصرهم إن الله على كل شئ قدير (20)] استحقاقهم شدة الامر.
وقيل: هذه المعترضة لبيان أحوال المشبه على أن المراد بالكافرين المنافقون، دل بها على أنهم لا مدفع لهم من عذاب الله في الدنيا والآخرة. ووسطت بين أحوال المشبه به، مع أن القياس يقتضي تقديمها أو تأخيرها، تنبيها على شدة الاتصال بين المشبه والمشبه به، ودلالة على فرط الاهتمام بشأن المشبه.
وإحاطة الله مجاز، فإن شبه شمول قدرته تعالى بإحاطة المحيط مع المحاط - أي شبه هيئة منتزعة من عدة أمور بأخرى مثلها - كان هنا استعارة تبعية تمثيلية لا تصرف شئ من ألفاظ مفرداتها، إلا أنه لم يصرح إلا بلفظ ما هو العمدة في الهيئة المشبه بها، أعني الإحاطة، والبواقي من الألفاظ منوية في الإرادة.
وإحاطة الله سبحانه عند الصوفية بالكافرين - بل بالموجودات كلها - عبارة عن تجليه بصور الموجودات، فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه سار في الموجودات كلها ذاتا وعلما وقدرة، إلى غير ذلك من الصفات. والمراد بإحاطته تعالى هذه السراية، أنه لا يعزب عنه ذرة في السماوات والأرض، إذ كل ما يغرب عنه يلتحق بالعدم.
وقالوا: هذه الإحاطة ليست كإحاطة الظرف بالمظروف، ولا كإحاطة الكل باجزائه، ولا كإحاطة الكلي بجزئياته، بل كإحاطة الملزوم بلوازمه، فإن التعينات اللاحقة لذاته المطلقة، إنما هي لوازم له بواسطة أو بغير واسطة وبشرط أو بغير شرط، ولا تقدح كثرة اللوازم في وحدة الملزوم ولا تنافيها.
يكاد البرق يخطف أبصرهم: استئناف ثان، كأنه قيل: ما حالهم مع
(١٥٩)
مفاتيح البحث: النفاق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست