تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٥٥
وإن أريد بالصيب المطر فظلماته ظلمات تكاثفه وتتابع قطراته، لان تقارب القطرات ومتابعتها يقتضي قلة الهواء المتخلل المنير، وظلمته إظلام غمامه.
وظلمة الليل المستفادة من قوله: (كلما أضاء لهم) والمراد بها ما يتوزع على الاجرام من ظلمته، لا ظلمته كلها حتى يرد أن المطر في ظلمة الليل، لا ظلمة الليل فيه. ولا شك أن نسبة الظلمة المتوزعة عليه إليه، كنسبة العرض إلى موضوعه، والصفة إلى موصوفها فيصح انتسابها إليه.
وإن أريد به السحاب، فظلماته ظلمة سخمته، أي سواده المسبب عن تراكمه وكثرة مائه وظلمة تطبيقه وإحاطته بجميع الآفاق، وظلمة الليل.
وعلى ما حققناه يندفع ما قاله بعض المفسرين، من أن الظرفية هنا باعتبار الملابسة، لأنه يكون بناء عليه انتساب الظرف إلى مظروفه بفي جائزا، وهو غير جائز.
ورعد وبرق: الرعد من الرعدة بالكسر، وهو صوت يسمع من السحاب، و سببها - على المشهور - اضطراب أجرام السحاب واصطكاكها إذا ساقتها الريح.
والبرق: الأحسن فيه أن يكون معطوفا على رعد، ويكون المجموع معطوفا على الظلمات بعاطف واحد، من برق الشئ بريقا إذا لمع، وهو ما يلمع من السحاب بواسطة اصطكاكها.
وقيل: الرعد ملك موكل بالسحاب، يسبح.
وقيل: صوت ملك يزجر السحاب.
وقيل: هو ريح تحتبس تحت السماء.
ولم يجمعا كالظلمات، لمصدريتهما في الأصل. ويحتمل أن يكون المراد بهما معنييهما المصدرية أيضا، أعني الارعاد والابراق. ولأنهما ليسا أنواعا مختلفة بالنظر إلى أسبابهما كالظلمة. وكينونتهما في السحاب ظاهرة، وأما في المطر فلأنهما لما كانا في محل يتصل به أعلاه ومصبه أعني السحاب، جعلا كأنهما فيه، أو لان المطر كما ينزل من أسفل السحاب ينزل من أعلاه أيضا، فهو شامل للقضاء الذي فيه السحاب، فهما في جزء من المطر يتصل بالسحاب.
(١٥٥)
مفاتيح البحث: الظلم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست