تحقيقا لحالهم بعد كشف، وإيضاحا غب إيضاح. وكما يجب على البليغ في مظان الاجمال والايجاز أن يجمل ويوجز، فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل والاشباع أن يفصل ويشبع.
وهو عطف على قوله: " كمثل الذي استوقد " أي مثلهم كمثل الذي استوقد، أو كمثل ذوي صيب. وإنما قدر كذلك، لتعيين مرجع الضمائر الآتية، وتحصل كمال الملاءمة مع المعطوف عليه، ومع المشبه أيضا، أي مثلهم. وأما نفس التشبيه فلا يقتضي تقدير شئ إذ لا يلزم في التشبيه المركب أن يكون ما يلي الكاف هو المشبه به، كما في قوله تعالى: " إنما مثل الحياة الدنيا كماء " (1). ومما سمي من التمثيل في التنزيل قوله: " وما يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الاحياء ولا الأموات " (2) و (أو) موضوعة في أصلها للتساوي، ولذلك اشتهرت بأنها كلمة شك، فتكون مخصوصة بالخبر، ثم استعيرت للتساوي في غير الشك، فاستعمل في غير الخبر بالمعنى المجازي فقط، كالتساوي في استصواب المجالسة في قولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين. وفي الخبر بكلا المعنيين أعني الحقيقي الذي هو الشك، والمجازي كالتساوي في الاستقلال بوجه التمثيل، كما في هذه الآية. فيستفاد صحة التشبيه بكل واحدة من هاتين القصتين صريحا، وبهما معا بالطريق الأولى.
وهذا بناء على تبادر معنى الشك فيه، وهو المفهوم من الكشاف (3).
والمفهوم من المفصل: أن كلمة " أو " لاحد الامرين. ولا شك أن هذا معنى يعم مواردها من الانشاء والاخبار كلها. وأما الشك والتشكيك والابهام والتخيير