حالهم العجيبة بحالهم، موقوف على تحقيق طرفي التشبيه ووجه الشبه.
فنقول: أما المشبه به، فهو صفة المستوقدين نارا كلما أضاءت ما حولهم من الأماكن والأشياء أذهب الله نورهم عند الإضاءة وأمسكه وتركهم في ظلمات متعددة شديدة أدهشتهم بحيث اختلت مشاعرهم وقواهم، فهم لا يقدرون على الرجوع إلى ما كانوا عليه من قبل.
أما المشبه فهو صفة المنافقين الذين إظهارهم الايمان باللسان بمنزلة إيقاد النار العظيمة، وانتفاعهم به بسلامة الأموال والأولاد وغير ذلك كإضاءتها ما حولهم، و زوال ذلك الانتفاع منهم على القرب بإهلاكهم، وإفشاء نفاقهم على النبي (صلى الله عليه وآله) هو ذهاب نورهم والقاؤهم في أحيان ظهور النفاق والوعيد بالعذاب السرمد، أو الوقوع فيه على مراتبه، تركهم في الظلمات المتعددة الشديدة، وعدم استعمالهم قواهم فيما خلقت له بمنزلة إخلالها، ورسوخهم وتمكينهم فيما أوقعهم فيه بما يخالف فطرتهم كعدم القدرة من المستوقدين على الرجوع إلى ما كانوا عليه.
وأما وجه الشبه فإن اعتبرته بين مفردين من مفردات طرفي التشبيه كما سبقت الإشارة إليه، فذلك من قبيل التشبيه المفرد، وهو أن تأخذ أشياء فرادى فتشبهها بأمثالها كقوله:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا * لدى وكرها العناب والحشف البالي (1) - وإن اعتبرته، بأن تنزع من مفردات أحد الطرفين هيئة اجتماعية وحدانية، وشبهتها بهيئة، انتزعتها من مفردات الطرف الآخر، من غير ملاحظة تفاصيل