والإباحة، فليس شئ منها داخلا في مفهومها، بل يستفاد من مواقعها في الكلام.
والصيب، فيعل، من الصوب، وهو فرط الانسكاب والوقوع، يقال على المطر وعلى السحاب، والآية تحتملهما.
وتنكيره، لأنه أريد به نوع شديد هائل. وقرئ (كصائب) والأول أبلغ.
والسماء، هو المظلة، أو جهة العلو، وتعريفها للجنس، للدلالة على أن الصيب منطبق، آخذ بآفاق السماء كلها، فإن كل أفق ككل طبقة منها يسمى سماء فتعريف الجنس من غير قرينة البعضية، يدل على أنه منطبق آخذ بكلها لا يختص بسماء دون سماء. وفي الدلالة على التطبيق إمداد لسائر المبالغات التي في الصيب من جهة مادته الأولى، أي الحروف، فإن الصاد من المستعلية، والياء مشددة، والباء من الشديدة. ومادته الثانية، أي الصوب، فإنه فرط الانسكاب كما مر. ومن جهة البناء أعني الصورة، فإن فيعلا صفة مشبهة دالة على الثبوت. ومن جهة التنكير العارض، لأنه للتهويل والتعظيم، كتنكير النار في الآية الأولى.
وإن أريد بالصيب المطر، فيحتمل أن يراد بالسماء السحاب، ويجعل اللام لاستغراق جميع ما يمكن أن يظل قطعة من وجه الأرض، فإنه يصلح أن يطلق عليه اسم الحساب.
وإن أريد بالصيب السحاب وبالسماء أيضا، فالمعنى هذا النوع من السحاب، وليس فيه كثير فائدة. والتمثيل الثاني أبلغ، لأنه أدل على فرط الحيرة وشدة الامر و فظاعته. ولذلك أخروهم يتدرجون في نحو هذا من الأهون إلى الأغلظ.
فيه ظلمت: بضم الفاء والعين. وقرئ بفتح اللام وسكونه، جمع ظلمة بضم الفاء وسكون العين فاعل الظرف لاعتماده على الموصوف. ومن المتفق عليه بينهم أن الظرف إذا اعتمد على موصوف، أو موصول، أو حرف استفهام، أو حرف نفي فإنه يجوز أن يرفع الظاهر، بخلاف ما إذا لم يعتمد، فإنه لا يجوز إعماله عند سيبويه، ويجوز في جميع ذلك أن الظرف خبر متقدم على مبتدئه.
فعلى هذا يظهر فساد ما قاله البيضاوي، من أن ارتفاعها بالظرف وفاقا (1).