تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٦٧
بالنسبة إلى بعض هذه المظاهر، ويكون إيراد كلمة (لعل) بالنظر إليه، فإن نسبة مظاهر التكلم إلى المتكلم أقوى مما سواه إليه، كما لا يخفى على ذوي البصائر، والله سبحانه يتولى السرائر.
الذي جعل لكم الأرض فرشا: منصوب المحل على الوصفية، ك‍ (الذي خلقكم) أو على المدح بتقدير أعني، أو أخص أو أمدح.
في كلام بعض النحاة ما يشعر بأن القطع بالنصب إنما يجوز فيما إذا كان الموصوف مرفوعا أو مجرورا، وهو الأظهر، لان الاشعار بالمدح إنما يكون حيث يكون في التابع مخالفة للمتبوع، وفي الصورة المفروضة وإن كان مخالفة حكمية، لكنه لا يظهر بالنسبة إلى المخاطب حتى يشعر بقصد المدح.
أو على أنه مفعول (تتقون) أو مرفوع على الخبرية، وفيه ما في النصب من المدح، أو على الابتداء بأن يكون خبره (فلا تجعلوا).
و (جعل) من أفعال الغاية يجئ على ثلاثة أوجه:
بمعنى طفق من أفعال القلوب، فلا يتعدى.
وبمعنى أوجد، فيتعدى إلى مفعول واحد كقوله تعالى: (وجعل الظلمات والنور) (1).
وبمعنى صير، فيتعدى إلى مفعولين كما في الآية.
والتصيير يكون بالفعل تارة، وبالقول والعقد أخرى، ف‍ (الأرض) مفعوله الأول و (فراشا) مفعوله الثاني.
ويحتمل أن يكون من قبيل الاستعمال الثاني، أي خلق الأرض حال كونه مقدرا، بكسر الدال، إياها فراشا، إذا كان فراشا حالا من الفاعل، أو حال كون الأرض مقدرة، بفتح الدال فراشا، إذا كان حالا من المفعول.
و (لكم) متعلق ب‍ (جعل) واللام للانتفاع، أي لانتفاعكم.
وقد جاء ناقصا بمعنى صار في قول الشاعر:

(1) سورة الأنعام: الآية 1.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست