ويبرز لها في معرض المحسوس المشاهد. ففيها يضرب المثل مبالغة في البيان. ولامر ما أكثر الله في كتبه الأمثال، وكثر في كلام الأنبياء والحكماء. ومن سور الإنجيل سورة الأمثال (1).
والمثل في الأصل بمعنى المثل، وهو النظير، يقال: مثل ومثل ومثيل كشبه و شبه وشبيه، ثم قيل: مثل، للقول السائر. ويعتبر فيه أن يكون تشبيها تمثيليا على سبيل الاستعارة، ومن ثم حوفظ عليه ولم يغير، فيكون بعينه لفظ المشبه به، فإن وقع تغيير لم يكن مثلا، بل مأخوذا منه وإشارة إليه، كما في قولك: بالصيف ضيعت اللبن، بالفتح (2).
وقيل: لم يغير، لأنه ينبغي أن يكون فيه غرابة من بعض الوجوه، فلو غير لربما انتفت تلك الغرابة.
وإنما سمي مثلا، لأنه جعل مضربه، وهو ما يضرب فيه ثانيا مثلا لمورده، وهو ما ورد فيه أولا، ثم استعير لكل حال أو قصة أو صفة لها فيه بيان أو غرابة. ويمكن حمله هناك على كل واحد من تلك المعاني.
كمثل الذي استوقد نارا: معناه حالهم العجيبة الشأن كحال من استوقد نارا.
و " الذي " بمعنى الذين، كما في قوله: " وخضتم كالذي خاضوا " (3) إن