تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٥٠
يكون بين طرفيه حمل وما في معناه، كذا في الكشاف (1).
قيل: وهنا بحث، وهو أنه لا نزاع في أن تقدير الآية، هم صم، لكن مع ذلك ليس المستعار له مذكورا ها هنا، لأنه أحوال مشاعر المنافقين وحواسهم، لا ذواتهم، ففي هذه الصفات استعارة تبعية مصرحة، لأنها استعير مصادرها لتلك الأحوال، ثم اشتقت هي منها.
أقول: فعلى هذا " الصم " جمع الأصم و " البكم " جمع الأبكم و " العمي " جمع الأعمى وقد صرح به بعض أهل اللغة، فحينئذ ما ذكره بعض المفسرين:
من أن الحمل على سبيل المبالغة، في غاية السقوط.
وغاية ما يتكلف عما في الكشاف أن يقال: تشبيه ذوات المنافقين بذوات الاشخاص الصم، متفرع على تشبيه حالهم بالصم، لكن القصد إلى إثبات هذا الفرع أقوى وأبلغ إشارة إلى أن المشابهة بين الحالين قويت حتى كأنها تعدت إلى الذاتين، فحمل الآية على هذا التشبيه إنما هو لرعاية المبالغة في إثبات الآفة، وإلا فمقتضى ظاهر الصناعة الحمل على الاستعارة بتبعية المصادر.
وقرئ في الكل بالنصب على الحال من مفعول (تركهم):
والصم: الانسداد، تقول: قناة صماء، إذا لم تكن مجوفة، وصممت القارورة إذا سددتها، والصمام لما تسدها به، فالأصم من انسدت مسامعه فلا يدخلها هواء يسمع الصوت بتموجه.
والبكم: الخرس، والعمى: عدم البصر عما من شأنه أن يبصر، وقد استعير لعدم البصيرة.
فهم لا يرجعون: يقال: رجع عن كذا إلى كذا، يعني أنهم لا يرجعون عن الضلالة التي اشتروها إلى الهدى الذي باعوه. فيندفع ما قاله بعض المفسرين:
من أن المراد به لا يرجعون إلى الهدى أو عن الضلالة.
وليعلم أن توضيح تمثيل المنافقين بالمستوقدين الموصوفين بما ذكر، وتشبيه

(1) الكشاف: ج 1، ص 77.
(١٥٠)
مفاتيح البحث: النفاق (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست