تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٤٦
وأضاء في الآية إما متعدد، فيكون " ما حوله " مفعولا به، أي جعلت النار ما حول المستوقد مضيئا، وإما لازم فيكون مسندا إلى ما حوله، أي صارت الأماكن والأشياء التي حوله مضيئة بالنار، أو إلى ضمير النار وحينئذ إما أن تكون كلمة " ما " زائدة و " حوله " ظرفا لغوا لأضاءت، وإما موصولة وقعت عبارة عن الأمكنة، فتكون مع صلتها مفعولا فيه لأضاءت.
ويرد على الأول، أن إضاءة النار حول المستوقد يقتضي دورانها حوله وهو خلاف المعهود.
وأجيب بان المراد دوران ضوئها، لكنه جعل دوران الضوء بمنزلة دوران النار، استنادا إلى السبب.
وعلى الثاني، أنه كان ينبغي أن يصرح بكلمة " في " لان حذفها في لفظ مكان إنما كان لكثرة الاستعمال، ولا كثرة في الموصول الذي عبر به عن الأمكنة، اللهم إلا أن يحمل على أنه من قبيل (عسل الطريق الثعلب) (1) وعلى هذا التوجيه يلزم دوران مكان النار، وهو لا يستدعي استيعاب النار جميعه، بل بعضه.
و (حوله) نصب على الظرفية، وتأليف حروفه على هذا الترتيب للدوران والإطافة.
وقيل: للعام، حول، لأنه يدور، ومنه حال الشئ واستحال إذا تغير، وحال

(1) وقد تمثل به الشعراء في أبياتهم، منها ما لساعدة بن جؤية الهذلي يصف فيها الرمح:
لدن بهز الكف يعسل متنه * فيه، كما عسل الطريق الثعلب - أراد: عسل في الطريق فحذف وأوصل. لسان العرب، ج 11، ط بيروت، ص 446، في عسل. قوله (لدن) خبر مبتدأ محذوف، أي هو لدن، أي الرمح الخطي. واللدن بالدال المهملة والنون كفلس اللين الناعم، والباء سببية، و (الهزة) بفتح الهاء وتشديد الزاء المعجمة، الاضطراب، و (يعسل) بالمهملتين كيضرب مضارع من عسل الرمح عسلانا، إذا اهتز واضطرب، ومنه عسل السيف بصيغة الماضي و (المتن) بالمثناة والنون كفلس من الرمح صدره وجمهوره، أي ما بين مقبضه إلى كل واحد من طرفيه، و (في) بمعنى مع، والكاف للتشبيه، و (ما) مصدرية، و (الطريق) السبيل (والثعلب) كجعفر معروف، وعسلانه في الطريق خبنته، وهو أن يراوح بين يديه ورجليه، بأن يضع رجليه في المشي موضع يديه. جامع الشواهد باب اللام بعده الدال.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست