التوكيد.
وأصل الاشتراء: بذل الثمن لتحصيل ما يطلب من الأعيان، فإن كان أحد العوضين ناضا تعين من حيث أنه لا يطلب بعينه أن يكون ثمنا، وبذله اشتراء و أخذه بيع، ولذلك عدت الكلمتان من الأضداد.
والنض والناض: الدنانير والدراهم عند أهل الحجاز، وإلا فأي العوضين تصورته بصورة الثمن، فباذله مشتر وآخذه بائع.
ثم استعير للاعراض عما في يده محصلا به غيره سواء كان من المعاني أو الأعيان، ثم اتسع فاستعمل للرغبة عن الشئ طمعا في غيره فإن اكتفى بجعل الطرفين أعم من أن تكون الأعيان أو المعاني أو مختلفين، وبقي الاستبدال محفوظا، والاستبدال موقوف على تملك ما هو كالثمن. فاحتيج في اشتراء الضلالة بالهدى إلى أن نزل التمكن من الهدى بحسب الفطرة منزلة تملكه، فيكون التجوز في نسبة الهدى بالتملك إليهم لا في نفسه، أو أريد بالهدى ما جبلوا عليه من تمكنهم منه، وهو فطرة الله التي فطر الناس عليها، فيكون التجوز في نفس الهدى لا في نسبته إليهم بالتملك، فإن التمكن من الهدى ثابت لهم من غير تجوز وإن لم يبق الاستدلال أيضا محفوظا، كما إذا استعمل للرغبة عن الشئ طمعا في غيره، فلا حاجة إلى ذلك التنزيل أو التجوز.
فما ربحت تجارتهم: وقرأ ابن عبلة (تجاراتهم) بصيغة الجمع (1).
وذكر الربح ترشيح للمجاز الواقع في " اشترى " وهو أن يقرن بالمجاز ما يلائم المعنى الحقيقي، فإنه لما استعمل الاشتراء في معاملتهم أتبعه بما يشاكله، تمثيلا لخسارهم، والمعنى ضرت تجارتهم، لأن عدم الربح وإن كان أعم من الخسران، لوجود الواسطة بينهما، لكن المقام يخصه به. لان المقصود ذم المنافقين والذم في الخسران آكد من عدم الربح.
وإنما عبر عن الخسران بنفي الربح، للتصريح أولا بانتفاء ما هو مقصود من التجارة، والدلالة ثانيا على إثبات ضده، والإفادة ثالثا المبالغة بأن نفي الربح بالبيع