به، كقولك: بكم ثوبك؟ أبعشرين أم بثلاثين؟ ولا يجوز بعشرين من غير همزة، فإذا كان كذلك كان قوله (عن النبأ) متعلقا بفعل آخر دون هذا الظاهر.
المعنى: (عم يتساءلون) قالوا: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبرهم بتوحيد الله تعالى، وبالبعث بعد الموت، وتلا عليهم القرآن، جعلوا يتساءلون بينهم أي يسأل بعضهم بعضا على طريق الانكار والتعجب، فيقولون: ماذا جاء به محمد، وما الذي أتى به. فأنزل الله تعالى (عم يتساءلون) أي عن أي شئ يتساءلون. قال الزجاج: اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد تفخيم القصة، كما تقول: أي شئ زيد إذا عظمت شأنه. ثم ذكر أن تساؤلهم عن ماذا فقال: (عن النبأ العظيم) وهو القرآن، ومعناه الخبر العظيم الشأن، لأنه ينبئ عن التوحيد، وتصديق الرسول، والخبر عما يجوز، وعما لا يجوز، وعن البعث والنشور. وقيل: يعني يوم القيامة، عن الضحاك، وقتادة، ويؤيده قوله: (إن يوم الفصل كان ميقاتا). وقيل: النبأ العظيم ما كانوا يختلفون فيه من إثبات الصانع وصفاته، والملائكة والرسل والبعث والجنة والنار والرسالة والخلافة، فإن النبأ معروف يتناول الكل.
(الذي هم فيه مختلفون) فمصدق به ومكذب (كلا) أي ليس الأمر كما قالوا (سيعلمون) عاقبة تكذيبهم حين تنكشف الأمور (ثم كلا سيعلمون) هذا وعيد على أثر وعيد. وقيل: كلا أي حقا سيعلمون أي: سيعلم الكفار عاقبة تكذيبهم، وسيعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم، عن الضحاك، وقيل: كلا سيعلمون ما ينالهم يوم القيامة، ثم كلا سيعلمون ما ينالهم في جهنم من العذاب، فعلى هذا لا يكون تكرارا. ثم نبههم سبحانه على وجه الاستدلال على صحة ذلك، فقال: (ألم نجعل الأرض مهادا) أي وطاء وقرارا مهيئا للتصرف فيه من غير أذية. وقيل: مهادا أي بساطا، عن قتادة. (والجبال أوتادا) للأرض لئلا تميد بأهلها (وخلقناكم أزواجا) أي أشكالا كل واحد شكل للآخر. وقيل: معناه ذكرانا وإناثا حتى يصح منكم التناسل، ويتمتع بعضكم ببعض. وقيل: أصنافا أسود وأبيض، وصغيرا وكبيرا، إلى غير ذلك.
(وجعلنا نومكم سباتا) اختلف في معناه على وجوه أحدها: إن معناه وجعلنا نومكم راحة ودعة لأجسادكم وثانيها: إن المعنى جعلنا نومكم قطعا لأعمالكم وتصرفكم، عن ابن الأنباري وثالثها: جعلنا نومكم سباتا ليس بموت على الحقيقة،