الله تعالى فعله والمأمور به فعل المأمور، لان الله سبحانه قد أمر عباده بطاعته وأشفاهم [1] إلى عبادته بقوله تعالى: آمنوا، واسلموا، وصلوا، وصوموا، وما يجرى هذا المجرى، وهذا مما لا يجوز أن يفعله تعالى، لان الطاعة فعل الطائع والخضوع فعل الخاضع والصلاة فعل المصلي والزكاة فعل المزكي، ولا يجوز أن يكون الامر ههنا بمعنى المأمور، لأنه ليس كل ما امر به تعالى لا على سبيل الاجبار والاضطرار، يكون واقعا لا محالة.
فالصحيح أن المراد بأمره تعالى ههنا ما توعد به من عقوبة أهل الكتاب إن لم يؤمنوا، لان ذلك ورد عقيب قوله تعالى: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على ادبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) ثم قال تعالى: (وكان أمر الله مفعولا)، أي: امره النازل بهذه العقوبة واقع لا يدفعه دافع ولا يصرفه صارف إذا شاء الله تعالى ذلك. وفيما ذكرناه من الكلام على هذه المسألة كفاية وبلاغ بتوفيق الله.