كلها الا وجه واحد: وهو النفس بمعنى ذات الشئ حسب، فقد وضح إذن: أن معنى قوله تعالى: (ويحذركم الله نفسه) أي: يحذركم إياه، لان النفس ههنا لو كانت غير ذاته، كان كأنه قد حذرهم سواه أو بعضه، وهو يتعالى عن التجزئة والتبعيض، إذا كل ذلك من صفات الأجسام وعلامات المحدثات.
فصل (فائدة تكرير آية (ويحذركم..)) فان قال قائل: إنه تعالى كرر قوله: (ويحذركم الله نفسه) في موضعين متقاربين من هذه السورة، فما الفائدة في ذلك؟
فالجواب: أن ذلك ليس بتكرار، لان الذي عناه بالآية الأولى غير الذي عناه بالآية الأخرى، لان الأولى إنما حذرهم فيها عقابه على موالاة الكفار، والثانية إنما حذرهم فيها ذلك على مواقعة سائر المعاصي، فحسن إعادة التحذير عند كل منهي عنه، ليكون الخوف أعم والزجر أبلغ، وليعلم أيضا أن الجرمين في العقاب على حد سواء، فيكون التناهي عن أحدهما كالتناهي عن الآخر. وقد يجوز أيضا أن تكون الآية الثانية نزلت