فهو محال من قائله وسفاه من مستعمله.
فان قال قائل: كيف يصح قوله تعالى: (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) وهو يريد به نبينا صلى الله عليه وآله، وقد خالف شرعه شرع من تقدمه أشد مخالفة، وباينه أعظم مباينة؟!
قيل له: إن اختلاف الشرائع في الحقيقة لا يكون اختلافا في متفردات العقول، لأنه وارد بحسب المصالح، وكما أنا لا نسمي الناسخ والمنسوخ اختلافا (بل نعد ذلك مطابقة ووفاقا، ونقول: إن بعضه يصدق بعضا) فكذلك نقول في سائر الشرائع، فالمراد بقوله تعالى: (مصدق لما معكم) أي: من جمل التوحيد والنبوات والشرائع الواردة بحسب مصالح العباد، وهذه حال نبينا (ع)، فهو اذن مصدق لمن تقدمه من الأنبياء، غير مناقض لهم في جملة، ولا مخالف في عقيدة.
فصل قراءة (لما آتيتكم) وقد اختلف القراء في قراءة: (لما آتيتكم من كتاب وحكمة)، فقرأنا لحمزة بن حبيب (لما) مكسورة، لأنها لام الإضافة، وقرأنا لباقي القراء السبعة (لما) مفتوحة، لأنها لام الابتداء، وروى هبيرة عن حفص عن عاصم (لما) مكسورة مثل حمزة، وقال (ابن 1) مجاهد في