المبسوط، بمشيئة الله فنقول:
إنه لا حجة للقائلين بالارجاء في هذه الآية، لان الامر لو كان على ما ظنوه من الغفران لأهل الكبائر الذين يموتون غير مقلعين، ولا نادمين بل مصرين متتابعين، لكان وجه القول أن يكون. ويغفر ما دون ذلك إن شاء)، فأما وهو تعالى يقول: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، فقد وجب انه تعالى يغفر لبعضهم وهم الذين يشاء ان يغفر لهم، ودل ذلك على أن ممن يرتكب ما دون الشرك من لا يشاء ان يغفر له، فلما دلت الآية على أنه سبحانه يغفر لبعض من يرتكب ما دون الشرك ولا يغفر لبعضهم، علمنا أنه لا يجوز في حكمته وعدله أن يكون البعض الذين يغفر لهم أهل الكبائر، والبعض الذين لا يغفر لهم أهل الصغائر، أو أن يغفر لعبد ويعذب عبدا، والذنبان متساويان وهما في المعصية سيان، لان هذا هو معنى المحاباة التي يتعالى سبحانه عن فعلها، إذ لا هوادة [1] بينه وبين أحد ولا علاقة قرابة ولا نسب، ولا تدركه الرقة ولا تميل به الشفقة، لان جميع ذلك من صفات الأجسام المصنوعة، ودلائل الأعيان المخترعة وهو تعالى خالق الخلق ومنشئ الكل.
فإذا كان الامر على ما ذكرنا فقد صح أن البعض [2] الذي لا يشاء