فصل (ومن دخله كان آمنا) واختلف الناس في قوله تعالى: (ومن دخله كان آمنا)، فبعض العلماء ذهب إلى أنه أمان كان وانقطع، وبعضهم ذهب إلى أنه أمان مستمر غير منقطع، ثم اختلفوا: فمنهم من يقول: إنه أمان على الخصوص، ومنهم من يقول: أمان على العموم ومنهم من جعله من جملة الآيات وتفسيرا لما أجمله تعالى من قوله: (فيه آيات بينات)، ومنهم من جعله ابتداء حكم.
واختلفوا بعد ذلك: فمنهم من جعله خبرا، ومنهم من جعله تعبدا وأمرا.
فمن قال: إن هذا الأمان إنما كان في الجاهلية دون الاسلام، فإنما عنى به دفع الله سبحانه عن ساكنه وداخله ظلم الظالمين واعتداء الجبارين، وما وقص [1] تعالى من رقاب البغاة دونه، وجذ [2] من أيدي الظلمة عنه، حتى أن ذلك كالعادة المستمرة: تجري على اتساق وتسري بلا انقطاع وتستبطأ إذا تأخرت بعض التأخر، ثقة بأنها جارية على أذلالها [3] وواقعة على عاداتها، لا شك في ذلك وإن أبطأت يسيرا وجنحت قليلا. وقال أيضا صاحب هذا القول: (إن الله سبحانه جعل أمن من دخله - على ذلك العهد - من الانس والوحش، آية