وقال قاضي القضاة أبو الحسن: ظاهر هذا الكلام نهي للسكران عن أن يقرب الصلاة، ومعلوم أن السكران لا يجوز أن يؤمر وينهى، فيجب أن يكون المراد خلاف الظاهر. فان قيل: ومن أين أن السكران لا يجوز أن يؤمر وينهى؟ قيل: لان عقله مختل مضطرب، فكما لو حصل بهذه الصفة لا عن شرب مسكر لم يجز أن يكلف، فكذلك إذا كان عن شرب المسكر، لان كل صفة تمنع من التكليف متى وجدت، قبح التكليف من أي وجه وجدت تلك الصفة.
فليس لقائل أن يقول: هو الجاني على نفسه والمزيل لعقله، فيجب أن يحسن تكليفه لان ما ذكرناه مانع من ذلك، ولا فرق بين من زال عقله لا من جهته وبين من زال عقله من جهته، في قبح تكليفه ومؤاخذته بذنوبه، ولأن هذه العلة توجب في القاطع رجل نفسه جانيا عليها أن يحسن تكليفه القيام، وفي الفاعل مثل ذلك بلسانه أن يحسن تكليفه الكلام، وإن لم يحسن ذلك فيه إذا كان بطلان التي كلامه وقيامه من فعل غيره.
ومتى قيل: فإذا لم يجز تكليف السكران فيجب ألا يؤاخذ بجناياته:
من قتل وإتلاف ومن طلاق وظهار، ولا يجوز شراؤه وبيعه وعقده وحله. قيل: إن كثيرا من العلماء يذهبون إلى ذلك فيجعلون قول السكران كقول المجنون والنائم في العقود والايقاعات، ويجعلون قتله كقتل الصبي في اسقاط القود عنه. فاما لزوم الغرم في المال فمما لا يتعلق